الأربعاء، 20 يوليو 2016

الصكوك : تعريفها، أنواعها، أهميتها ودورها في التنمية، حجم إصداراتها، تحديات الإصدار الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري

بحث مقدَّم لورشة العمل التي أقامتها شركة BDO
بعنوان (الصكوك الإسلامية؛ تحديات، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية تنمية، ممارسات دولية) 18 ـ 19/7/2010

 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداهم وسار على نهجهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن موضوع التوريق (التصكيك) من الموضوعات الحديثة في الفكر والتطبيق المالي المعاصر وينتشر التعامل به في المؤسسات المالية التقليدية، ولقد بدأت المؤسسات المالية الإسلامية في تطبيقه تحت مسمى التصكيك وذلك وفق ضوابط وأحكام الشريعة الإسلامية وصدرت بهذه الضوابط عدة قرارات من منظمات عديدة منها ما صدر منها عن المجمع بخصوص صكوك الإجارة في القرار رقم 33 (3/15)  والقرار عن صكوك المضاربة رقم (5) د4/08/88، وما صدر عن المجلس الشرعي بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في المعايير الشرعية المعيار رقم 17 بخصوص صكوك الاستثمار،  كما صدر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية معيار متطلبات كفاية رأس المال لتصكيك الصكوك والاستثمارات العقارية.
وفي الكلام العام، فإن المعاملات المالية بصورها المتعددة والمتداولة بين الناس تقوم على عدة أصول كلية يحتكم إليها فيما يستجد من معاملات، من أهمها قاعدة: مدار المعاملات على تحقيق مصالح العباد، وقاعدة: (الأصل في المعاملات الإباحة).
فالأصل الأول أن المعاملات المالية تدور مع المصلحة في أحكامها لأن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإنها ترجح خير الخيرين وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما.
فالنظر في المعاملات، خصوصًا المالية منها ينبغي أن ينطلق من مدى تحصيلها للمصلحة أو دفعها المفاسد عن العباد.
ومن رحمة الله تعالى على العباد، أن القرآن والسنة لم يأتيا بتفاصيل أحكام المعاملات المالية، بل جاءا بالمبادئ الكلية والأصول العامة، لأن المصالح في هذا المجال تتغير وتتطور على الدوام.
وأما الأصل الثاني فهو من القواعد الفقهية التي جرت على لسان الفقهاء، وهي قاعدة الأصل في المعاملات المالية الإباحة، ما لم يوجد فيها نص، ففيه يقول الشاطبي: والأصل فيها – أي المعاملات- الإذن حتى يدل الدليل على خلافه([1]).
والدليل على هذا الأصل ما روي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله r: \\\"ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً\\\"([2])، فالحديث يدل على أن الأمور المسكوت عنها راجعة إلى الإباحة الأصلية، وأن الأخذ بها رحمة من الله على عباده.
إن هذا الأصل له أثر مهم في ميدان المعاملات المالية، لأنه يفتح المجال للاجتهاد بأنواعه المختلفة، ويتيح الفرصة لاختراع واستحداث صور مختلفة للعقود والمعاملات المالية، بشرط مراعاة عدم مصادمة نص من الكتاب أو السنة.
وتجدر الإشارة إلى أن الوقت مناسب لوضع برنامج علمي يقصد من ورائه التبصير بالاقتصاد الإسلامي كسياسة اقتصادية عامه تطبقها الحكومات وتنشر مفاهيمها على العالم.
ومما لا شك أن بدايات العمل بالصكوك الإسلامية التي تصدرها عدد من الحكومات الإسلامية بادرة لا يشك أحد في نجاحها.
ونرى أن إصدار هذه الصكوك يجب أن يحل محل السندات التقليدية.
ومن أهم مميزات هذه الصكوك أنها تعبر عن موجودات قائمة مملوكة للحكومة، وبالتالي لا تستطيع الحكومات تجاوز الحد في الاقتراض على نقيض السندات التقليدية التي ظهر جلياً تمادي الحكومات في إصدارها.
كما أن سندات المضاربة التي يمكن أن تصدرها الشركات الخاصة تُعدُّ وسيلة من وسائل الاستثمار للأفراد ويكاد يكون رأسمال مساند للشركات.

المفاهيم الأساسية للتوريق

أولاً: تمييز التوريق عن الإصدار المباشر للأوراق المالية

حينما يريد شخص إنشاء مشروع اقتصادي فإنه يحتاج لتمويل يقدمه من ماله الخاص ويسمى المشروع «مشروع فردى» وحينما لا تكفى موارده الذاتية فإنه يلجأ للغير إما للمشاركة معه بعدد محدود من الأشخاص في صورة «شركة أشخاص»، وإما بالاقتراض من شخص أو بنك، وحينما كبرت المشروعات وزيادة حجم النشاط ووجدت صعوبة في تجميع التمويل من عدد محدود من الأشخاص نشأت الشركات المساهمة التي يقسم رأسمالها إلى أسهم بقيمة اسمية متساوية، ثم تطرح للاكتتاب بواسطة الجماهير، ومن هنا وجدت فكرة الأوراق المالية.
وعندما تحتاج الشركات ـ بعد قيامها ـ إلى تمويل إضافي من غير المساهمين  فإنها تقترض بواسطة ورقة مالية اسمها «السندات» ويطلق على عملية التوجه للجماهير للحصول على التمويل بموجب أوراق مالية مصطلح «ديموقراطية التمويل» في مواجهة «ديكتاتورية التمويل» بالاقتراض من البنوك.
ويوجد طريق ثالث للحصول على التمويل وذلك في شركة أو مؤسسة قائمة وهى أن تبيع أحد أصولها الذي يدر تدفقا مالياً في صورة دخل بشكل منفرد عن باقي الأصول، وهذا البيع إن كان لجهة واحد فهو بيع عادى، وإن تم البيع للجماهير بحيث يملك كل منهم حصة شائعة في هذا الأصل بموجب ورقة مالية فهو التوريق.

ثانياً: تحرير المصطلحات:

أ ) التوريق ـ لغة ـ مصدر ورّق. يقال ورّق الشجرُ: إذا أخرج ورقه، وورّق الشجرَ: أخذ ورقه. وأورق الشجر: أي خرج ورقه أورق، وأورق الشخص: إذا كثر ورقه ـ أي ماله.
إذن التوريق في أصل اللغة الحصول على الورق، إما بظهوره، وإما بأخذه من محله([3]).
التوريق \\\" Securtisation \\\"  اصطلاحاً: تحويل الأدوات المالية الاستثمارية إلى أوراق مالية، يسهل تداولها بيعاً وشراء في سوق الأوراق المالية.
مصطلح التوريق: ويطلق عليه أيضاً التسنيد (على أساس أن الأوراق التي تصدر هي السندات) وهو الترجمة العربية لكلمة Securitization التي تعنى عملية تحويل القروض إلى أرواق مالية قابلة للتداول، والمشتقة من كلمة Security أي ورقة مالية([4]).
وبالتالي فالتوريق من ناحية اللغة العربية مشتقة من الوَرَق (بفتح الراء) الذي يكتب عليه وليس كما يقول البعض من الورِق (بكسر الراء) أي الفضة والتي منها التورق([5]).
وذلك لأن مبتكري التوريق ومستخدميه لم يدر في ذهنهم ولم يقصدوا هذا الاشتقاق وإنما قصدوا التوريق من الأوراق المالية وخاصة سندات الدين.
ولذا فإن الترجمة هي التوريق، من الأوراق المالية بشكل عام، وبشكل خاص السندات ولذا يطلق عليه مصطلح التسنيد أي أن التسمية تعبر عن ما تؤول إليه العملية من تحويل قيمة الأصول أو الموجودات المطلوب توريقها إلى أوراق مالية (سندات) وبيعها للجمهور لتمثل وثيقة إثبات ملكية شائعة في الأصل المطلوب توريقه.

ب) مصطلح الصكوك والتصكيك: الصك في اللغة: الذي يكتب للعهدة، أو كتاب الإقرار بالمال، أو الذي يكتب في المعاملات([6]).
وبالتالي فهو ورقة مكتوبة تثبت لحاملها أو صاحبها حقاً في مال، وفى اصطلاح الفكر المالي التقليدي يطلقون لفظ الصك كأحد الأوراق المالية.
فلقد جاء في قانون سوق المال المصري رقم (95) لسنة 1992 أن الأوراق المالية تتكون من الأسهم والسندات وصكوك التمويل...، بل إن الأمر وصل إلى تعميم لفظ الصك ليشمل كل هذه الأوراق فجاء في المادة (9) من لائحة قانون سوق المال المصري لفظ صكوك الأسهم، وصكوك السندات.
كما شاع استخدام الصك والصكوك في العمل المالي الإسلامي، ويعبر بها عن الورقة المالية التي تثبت حقاً لصاحبها في ملكية شائعة لموجود أو موجودات، ومنها التصكيك أي تحويل الموجودات إلى صكوك وطرحها للبيع،
وبالتالي فإن مصطلحات التوريق والتصكيك مترادفة، كما جاء في المعيار الشرعي رقم 17 الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية \\\"التوريق: ويطلق عليه التصكيك والتسنيد، وهو تقسيم الموجودات من الأعيان أو المنافع أو هما معا إلى وحدات متساوية القيمة، وإصدار صكوك بقيمتها،  ولقد أوصى البيان الختامي لندوة البركة الثانية والعشرين المنعقدة عام 1423هـ/2002م باختيار تسمية التصكيك بديلاً عن التوريق الذي يقصد به في التطبيق تحويل الديون إلى سندات، وهو ما يأخذ به التطبيق فعلاً في المؤسسات المالية الإسلامية.

ثالثاً: تعريف التوريق:

توجد عدة تعريفات للتورق منها ما يلى:
الصكوك لغة جمع صك ويراد به: وثيقة بمال أو نحوه، وفي اللغة العربية يقال: صكه صكا أي دفعه بقوة.

وفي القرآن الكريم: {فصكت وجهها} [الذاريات: 29]، أي: لطمته تعجباً.
وصكت الباب أي أغلقته والصك لفظ معرب يقصد به وثيقة بمال أو نحوه([7]).

أما اصطلاحاً فيلاحظ أن كلمة التصكيك والتوريق والتسنيد تستعمل كمفردات لمسمى واحد، أي تشير إلى نفس المعنى.

إلا أن مصطلح الصكوك قد أصبح عرفاً لدى الجمهور على خصوص الاستثمار الإسلامي الذي ينسجم مع أصول وأحكام الشريعة الغراء.

وأما التوريق أو التسنيد فلا يشتهر استعمالهما عند الباحثين في الاقتصاد الإسلامي لارتباطهما بالاستثمار التقليدي([8]).

فقد عُرِّف التصكيك بأنه عملية تجميع وتصنيف الأصول المضمونة منها وغير المضمونة وتحويلها إلى صكوك ثم بيعها على المستثمرين([9]).

وعرَّفه الدكتور منذر قحف بأنه: وضع موجودات دارة للدخل كضمان أو أساس مقابل إصدار صكوك تعتبر هي ذاتها أصولا مالية([10]).

وأما التعريف الذي قرره المجمع الفقه الإسلامي فهو: (إصدار أوراق مالية قابلة للتداول مبنية على مشروع استثماري يدر دخلاً([11]).
وأما تعريف الصكوك عند هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية فهو: وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله([12]).

أهمية التوريق

إن إصدار الصكوك من قبل المؤسسات المالية أو الحكومات يكون بدافع الرغبة في زيادة قدرتها على منح التمويل، ومن ثَمَّ زيادة سرعة دوران رأس المال، مما يؤدي إلى زيادة الربحية.
وبذلك تحقق المؤسسات المالية نتائج مهمة، تتمثل في:

رفع كفاءة الدورة المالية والإنتاجية ومعدل دورانها، عن طريق تحويل الأصول غير السائلة إلى أصول سائلة لإعادة توظيفها مرة أخرى.

توسيع حجم الأعمال للمنشآت بدون الحاجة إلى زيادة حقوق الملكية.
تسهيل تدفق التمويل، وبشروط وأسعار أفضل وفترات سداد أطول.

تقليل مخاطر ائتمان الأصول.
تنشيط سوق المال عبر تعبئة مصادر تمويل جديدة، وتنويع المعروض فيها.
الصكوك أداة تساعد على الشفافية، وتحسين بنية المعلومات في السوق، لأنه يتطلب العديد من الإجراءات، ودخول العديد من المؤسسات في عملية الإقراض، مما يوفر المزيد من المعلومات في السوق.

هناك عدة أدوار لإصدار الصكوك الإسلامية، منها:
تعبئة المدخرات.
سهولة تدفق الأموال للاستثمارات.
تطوير في تشكيلة الأدوات المالية الإسلامية.
توسيع قاعدة سوق الأوراق المالية.
اندماج اقتصاديات البلاد الإسلامية فيما بينها، وبينها وبين الخارج.

 نشأة عملية التصكيك/التوريق

فكرة التصكيك نشأت وطرأت على ساحة العالم الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1970م، عندما قامت الهيئة الوطنية الحكومية للرهن العقاري بإصدار صكوك تستند على القروض المضمونة بالرهن العقاري.

فهو منذ أول ظهوره قام على فكرة بيع القروض والديون وتداولها.
فالهدف الأساسي من التصكيك هو ربط الديون الأصلية بالأوراق المالية مباشرة من خلال تجميع الديون في شكل محفظة ثم إصدار أوراق مالية مقابل تلك المحفظة مضمونة بضماناتها([13]).
وصلت إصدارات الصكوك حتى اليوم إلى أكثر من 150 إصداراً بأحجام متباينة وصل بعضها إلى 3.5 بليون دولار للإصدار الواحد وربما يبلغ متوسط حجم الإصدار الواحد بليوناً من الدولارات.
تصدر الصكوك عن الحكومات، فقد أصدرت حكومات البحرين وقطر وماليزيا صكوكاً كما تصدر عن الشركات مثل شركة سابك السعودية والبنك الإسلامي للتنمية ودرة البحرين وموانئ دبي...إلخ.
والذين يستثمرون بشراء الصكوك ينتشرون في كل أنحاء العالم، وتدل الإحصاءات ان نحو 50% منهم في الشرق الأوسط، و 30% في آسيا و 20% في أوروبا.
يدل معدل النمو أن الصكوك توشك أن تكون في حجمها وأهميتها صناعة موازية للمصارف الإسلامية وربما زادت عليها بالحجم، ليس أدل على ذلك ما ورد في دراسة للبنك الدولي تتوقع أن يصل حجم الصكوك الإسلامية في سنة 2015 أكثر من ثلاثة ترليونات دولار([14]).

وأما عن نشأة الصكوك الإسلامية، فنشير هنا بصفة خاصة للتجربة الأردنية حيث تعد المملكة الأردنية الهاشمية أول من قدم مفهوم سندات المقارضة التي نبتت فكرتها أثناء وضع مشروع قانون البنك الإسلامي الأردني بهدف أن تكون من الأدوات التي يمكن اعتمادها من البنك للحصول على تمويل طويل الأجل لمشاريعه الكبرى [15]، وقد تم  تعريفها في مشروع قانون البنك الإسلامي الأردني المؤقت رقم (3) لسنة 1978م.
وقد كان فضل المتابعة لهذه الفكرة وإخراجها إلى حيز الوجود للأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي من خلال دراستها في اللجان العلمية المتخصصة في وزارة الأوقاف الأردنية، حيث أثمرت هذه الجهود أن كان للمملكة الأردنية الهاشمية السبق في تأصيل قواعد سندات المقارضة وإخراجها بصورة مبدعة متميزة على أساس من اجتهاد فقهي معاصر، تبلور في قانون سندات المقارضة المؤقت رقـم (10) لسنة 1981وقد عرضت هذه السندات في حينها على مجمع الفقه الإسلامي الذي أجازها من الناحية الفقهية.

وبعد صدور قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (5) و4/08/88 الخاص بسندات المقارضة أصدر البنك الإسلامي للتنمية شهادات استثمار تمثل ملكية المستثمرين.
كما تمكن المصرف المركزي السوداني في عام 1999م، من إصدار شهادات مشاركة المصرف المركزي (شمم) وشهادات المشاركة الحكومية (شهامة)، كأدوات مالية إسلامية تؤدي وظيفة السوق المفتوح على نحو شرعي، وهي أدوات تقوم على أسس شرعية أهمها مبدأ \\\"الغنم بالغرم\\\"، وتتميز بدرجة من المرونة تساعد البنك المركزي على إدارة السيولة عموما، وإدارتها في الجهاز المصرفي على وجه الخصوص، بهدف الحد من التضخم.

وقد قام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية برصد تاريخ الصكوك والمراحل التي مرت بها في الفترة ما بين 1986 وبين 2009.
حيث تم إصدار سندات مقارضة وسندات للتنمية والاستثمار في أكتوبر – تشرين الأول عام 1986، فقام مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالتأكيد على أهمية موضوع السندات، كما كلف باحثين متخصصين لتمكينه من اتخاذ القرار الصائب بشان هذه السندات.
أما في شباط – فبراير عام 1988 فقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي الصيغة المقبولة شرعا لصكوك المقارضة.
هذا وقد قام المجمع بإصدار فتوى في آذار – مارس عام 1990 مفادها تحريم السندات واقتراح البديل لها وهو الصكوك أو السندات القائمة على أساس المضاربة.
ثم أصدرت رابطة العالم الإسلامي وهي تعتبر الجهة الثانية المعتمدة بعد مجمع الفقه الإسلامي الدولي، فتوى ثانية بتحريم التعامل بالسندات وذلك بتاريخ يناير – كانون الثاني عام 2002، وعدم جواز تصكيك الديون بحيث تكون قابلة للتداول في سوق ثانوية.
وفي المرحلة الخامسة قامت جهة ثالثة ألا وهي هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بتحديد أنواع الصكوك وخصائصها والأحكام والضوابط الشرعية التي تحكمها، كان ذلك في مايو – أيار عام 2003.
وفي المرحلة التي تليها قام مجمع الفقه الإسلامي الدولي في مارس – آذار عام 2004 بتوضيح الأحكام والضوابط الشرعية التي تحكم صكوك الإجارة، كما انه أوصى بدراسة إصدار صكوك بملكية الأعيان المؤجرة إجارة منتهية بالتمليك، ودراسة حكم إصدار الصكوك وتداولها في إجارة الموصوف في الذمة.
ومن جهته وصى المجمع نعقد ندوة متخصصة لإعداد لائحة بشان سندات المقارضة إذا كانت الصكوك مثل موجودات مختلطة ما بين أعيان ومنافع ونقود وديون، وذلك في شهر يونيو – حزيران عام 2006.

أما صندوق النقد الدولي فقد جاء دوره للتأكيد على الطفرة في معاملات التورق الإسلامي حيث تمخضت عن زيادة إصدار الصكوك بمقدار أربعة أضعاف، والتأكيد أيضا على أن عددا متناميا من البلدان يفكرون في دخول سوق الصكوك، كما بين الصندوق أن أبرز تحدي للصكوك هو تبديل السمات الهيكلية المعتادة في الأوراق المالية التقليدية، كان ذلك في عام 2007 لشهر سبتمبر – أيلول.
ثم ظهرت مشكلة الصكوك في المرحلة التاسعة وتحديداً في فبراير – شباط عام 2008.
وفي المرحلة التي تليها ظهرت زكاة صكوك المقارضة، حيث أصدرت الهيئة الشرعية العالمية للزكاة في نيسان – ابريل عام 2008 فتوى مفادها أن أموال صكوك المقارضة المستوفية لضوابطها الشرعية تزكي زكاة عروض التجارة مع توافر شروط الزكاة فيها.
بعد ذلك أكد صندوق النقد الدولي مرة أخرى في المرحلة اللاحقة في يوليو – تموز عام 2008 على أهمية الصكوك الإسلامية السيادية (الحكومية) والتأكيد كذلك على أن الصكوك تلقى اهتماما أكثر سواء من المسلمين أو من غيرهم، كما أكد الصندوق على أن أبرز التحديات التي تواجه الصكوك هي القوانين والخلاف الفقهي.
وفي نفس تاريخ المرحلة السابقة ظهرت الصكوك الإسلامية الخاصة بالإجارة، حيث أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء عقد الإجارة الواردة على منافع الأعيان، فيمكن بذلك من الاستفادة منه من خلال الصكوك الإسلامية الخاصة بالإجارة فهي تعتبر من أكثر

أنواع الصكوك مرونة وضبطا.

وفي ماليزيا قام مجلس الخدمات المالية الإسلامية في يناير – كانون الثاني عام 2009 بوصف هياكل الصكوك والتعريف بها وتوضيح المخاطر المختلفة التي تتعرض لها مؤسسات الخدمات المالية بالنسبة للصكوك والمتطلبات التشغيلية المتعلقة بالتصكيك والصكوك، كما قام المجلس بمعالجة التعرض لمخاطر الصكوك والتصكيك لأغراض راس المال النظامي ومعالجة تخفيف مخاطر الائتمان التي تتعرض لها عملية التصكيك بالإضافة إلى معالجة التعزيز الائتماني المقدم من المصدر أو المنشئ ومعالجة التعزيز الائتماني حسب هيكلته.

وفي المرحلة قبل الأخيرة أجاز مجمع الفقه الإسلامي الدولي في نيسان – ابريل عام 2009 وقف الصكوك لأنها أموال معتبرة شرعا، مبينا الأحكام والضوابط الشرعية لوقف الصكوك.
وفي المرحلة الأخيرة استعرض المجمع خصائص الصكوك وأحكامها، مؤكدا على إيجاد الإطار القانوني لها، وكان ذلك في ابريل – نيسان عام 2009.

 دوافع التوريق([16])

يمكن فهم الدافع الأساسي للتوريق من ظروف نشأته، والتي ارتبطت بالرهن العقاري، ذلك أن هذا الرهن يقوم على علاقة ثلاثية بين مال عقار ومشترى العقار والممول حيث يقوم المالك ببيع العقار للمشتري بالتقسيط تسدد خلال مدة طويلة تصل ما بين 15 إلى 30 سنة.
وفى نفس التعاقد يحيل البائع حقوقه في الأقساط إلى الممول الذي يدفع له الدين الذي في ذمة المشترى وبقيمة أقل، ويعتبر المبلغ قرضاً على المشتري للممول يسدده مع فوائده خلال مدة التقسيط.
وتتم هذه العملية من جانب الممول للآلاف من المشترين، وبالتالي تصبح لديه مبالغ كبيرة جداً في صورة قروض في ذمة المشترين مضمونة برهن العقار لصالحه، ولأن الممول يحتاج لاستمرار نشاطه إلى تمويل والمتحصل من الأقساط لا تكفى ذلك وأمامه مدة طويلة لتحصيلها، لذلك تم التفكير في قيام الممول ببيع القروض التي له للحصول على السيولة.
ومن الصعب وجود مشتر واحد يمكنه شراء هذه القروض، فتم اللجوء لبيعها لعدد كبير من المشترين بواسطة تقسيم قيمة القروض إلى فئات صغيرة وإصدار أوراق مالية (سندات) بها وطرحها للاكتتاب العام ليقوم المستثمرون الذين يرغبون في استثمار مدخراتهم بوسيلة مضمونة وذات عائد محدد وهو ما يتوفر في هذه القروض، حيث إنها مضمونة برهن العقار، وتدر عائداً محدداً هو الفائدة، ولتأكيد جاذبيتها للاستثمار وجد  الوسطاء من شركة التوريق ووكالات التصنيف ومعززو الائتمان (الضامنون)، إضافة إلى مقدمي الخدمات الآخرين لتسهيل تنفيذ هذه العملية([17]).

وتتمثل دوافع عملية التصكيك التي تدفع المؤسسات المالية إلى إصدار الصكوك الاستثمارية في النقاط التالية([18]):

1)   إعادة تدوير الأموال المستثمرة دون الحاجة للانتظار حتى يتم تحصيل الحقوق المالية على آجالها المختلفة؛ لأن التصكيك يساعد على تحويل الأصول غير السائلة إلى أصول تتصف بالسيولة.

2)  خفض تكلفة التمويل والمخاطر؛ لأن التصكيك يتيح القدرة على تعبئة مصادر التمويل بالحصول على مستثمرين جدد ومن ثم توفير تمويل طويل أو منتصف الأجل. وبالتالي، يتسم بانخفاض درجة المخاطر نظرا لكون الصكوك مضمونة بضمانات عينية وهي الأصول([19]). وبالإضافة، أن عملية التصكيك تتطلب فصل محفظة التصكيك وما يلحقها من ضمانات عن غيرها من الأصول المملوكة للشركة منشئة الصكوك.

3)   تنشيط سوق المال من خلال تعبئة مصادر تمويل جديدة وتنويع المعروض فيها من الأوراق المالية وتنشيط سوق تداول الصكوك. والصكوك أيضاً تمكن تمويل النشاطات الاقتصادية الضخمة ما لا تقدر عليه الجهات التمويلية بانفرادهم.

4)  تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلي للشركة منشئة الصكوك من حيث أن التوريق يتطلب التصنيف الائتماني للمحفظة بصورة مستقلة عن الشركة ذاتها، ومن ثم يكون تصنيفها الائتماني مرتفعاً.

5)  المواءمة بين آجال التمويل أي مصادر واستخدامات الأموال، فعملية التصكيك تساعد الشركة في الحصول على السيولة اللازمة لسداد التزاماتها قصيرة الأجل.

6)   أما بالنسبة للمصارف التي بطبيعتها يوجد لديها محافظ حقوق مالية بمبالغ كبيرة متمثلة فيما تمنحه من قروض وتسهيلات ائتمانية، فعملية التصكيك تكتسب أهمية خاصة بالنسبة لها وهي:

تحسين معدل كفاية رأس المال في ظل معايير بازل 2
تحسين المواءمة بين آجال الأصول والالتزامات
الحصول على التمويل اللازم لمنح قروض جديدة
تنويع أفضل لمخاطر الائتمان
خفض تكلفة التمويل وتنويع مصادره
توسيع نشاط أسواق المال
ويلاحظ رغم المميزات المذكورة للتصكيك أو التوريق فإنه قد تؤدي إلى انخفاض جملة رأس المال الموظف في النظام المصرفي، وبالتالي عرضة إلى الهشاشة المالية للنظام المالي على المستويين الوطني والعالمي([20])، كما لاحظنا ما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية في العام الماضي من الأزمة الاقتصادية.
وهكذا يتضح أن الدافع الأساسي للتوريق هو توفير السيولة لمالكي الأصول التي لا يوجد لها سوق نشطة، وتتأخر مواعيد استحقاقها أو تصفيتها إلى أجل بعيد، ووجود وسيلة جديدة ذات جاذبية للمدخرين لاستثمار أموالهم.

 منافع وفوائد التوريق

يحقق التوريق فوائد لجميع المتعاملين فيه وللمجتمع من أهمها ما يلي:

أ )   التحرر من قيود الميزانية العمومية، فمن المعروف محاسبياً أن الأصول محل التوريق والتي تكون في الغالب ديوناً تظهر كأحد بنود الميزانية العمومية وعند حساب كفاية رأس المال وقياس مخاطر الائتمان، فإن هذه الديون ترجح (تعدل) قيمتها بمقدار الحظر المتوقع بعدم تحصيل بعضها.
وبالتالي تقل قيمتها المحسوبة، وحيث إن الأصول تكون بسطاً في معادلة حساب كفاية رأس المال، إذا سوف تتأثر هذه الكفاية بالانخفاض لنقص هذا الأصل بقيمة معدل المخاطر، وعند توريق هذه الديون سوف يختفي من الميزانية لتحويله إلى الشركة المتخصصة في التوريق، ويحل محلها الثمن الذي تدفعه الشركة فترتفع قيمة الأصول، وبالتالي يزيد رقم معدل كفاية رأس المال.
ومن جانب آخر فإن أي منشأة لديها ديون على الغير تستقطع من إيراداتها نسبة معينة من قيمة الديون لتكوين مخصص الديون المشكوك في تحصيلها بما يقلل صافى الربح، وبالتوريق سوف يختفي رصيد المخصص، ويُرَدُّ إلى الإيرادات ولا يظهر في الميزانية العمومية.

ب) يعتبر التوريق بديلاً لوسائل الحصول على التمويل الأخرى مثل الاقتراض من مؤسسات أخرى أو زيادة رأس المال بإصدار أسهم جديدة، وما ينطوي عليه كلاهما من قيود ومشكلات.

ج)   يعمل التوريق على تحويل الأصول غير السائلة (غير النقدية) إلى أصول سائلة في صورة نقدية يمكن للمنشأة توظيفها مرة أخرى مما يؤدى إلى توسيع حجم الأعمال.

د)    يؤدي التوريق إلى تقليل مخاطر الائتمان، إذ أن المؤسسة التي تورق بعض أصولها لا تكون مسئولة عن الوفاء بها لحملة الأوراق المالية، وبالتالي كأنها بالتوريق نقلت مخاطر الائتمان إلى الغير وقامت بتفتيتها وتوزيعها على حملة السندات.

هـ)   الدمج بين أسواق الائتمان وأسواق رأس المال مما يؤدى إلى تنشيط السوق المالية من خلال تداول الأوراق المالية التي تصدر عن الأصول محل التوريق.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الدوافع والفوائد للتوريق تنطبق على التوريق التقليدي الذي يتم على الديون، وعلى التوريق (التصكيك) الإسلامي مع مراعاة الاختلافات في كل منهما.

 أنواع التوريق/التصكيك

ينقسم التوريق إلى عدة أنواع من عدة أوجه منها ما يلي:

أ – أنواع التوريق بحسب نوع الأصول محل التوريق وهى:

1 – توريق القروض أو الديون،  وتتمثل في القروض التي تمنحها المؤسسات التمويلية للعملاء لتمويل شراء وحيازة العقارات بالدرجة الأولى فيما يعرف بالرهن العقاري، وكذا ديون بطاقات الائتمان، وتمويل شراء السيارات والأصول الرأسمالية من بواخر وطائرات ومعدات.

2 – توريق تدفقات الفوائد المستقبلية، التي ستُستَحق للمورق فقط دون أصل القرض أو الدين، ويكون باستعجال الفوائد المقررة على القروض ويكون حق حملة الأوراق المالية هو قبض هذه الفوائد تباعاً عند استحقاقها حتى نهاية أجل استحقاق القرض، فالعملية بهذا الشكل تدخل فقهاً في بيع المعدوم.

3 – توريق مستحقات متوقعة، مثل تاجر مرتبط بعقود تصدير بمبالغ كبيرة وسوف يستمر تنفيذ العقد سنوات على أن يتسلم مستحقاته تباعاً خلال هذه السنوات فيتفق مع شركة توريق على نقل (بيع) هذه المستحقات المتوقعة وإصدار أوراق مالية بها.

4- توريق الموجودات العينية، مثل الأصول المؤجرة بالاتفاق مع شركة توريق على إصدار أوراق مالية (صكوك إجارة) بقيمتها وطرحها للاكتتاب العام ليشتريها المستثمرون، فيكونون ملاكاً على الشيوع في الأصل ويحصلون على أقساط الإيجار إضافة إلى استهلاك (إطفاء) قيمة الأصل المورق تباعاً، ويمكنهم تداول هذه الصكوك في السوق الثانوية.

5 - توريق أدوات التمويل، من مشاركات ومضاربات، ممثلة في حصة المؤسسة البادئة للتوريق في رأس مال هذه الأدوات عن طريق الاتفاق مع شركة التوريق التي تقوم بطرح قيمة التمويل في صورة أوراق مالية (صكوك مشاركة أو مضاربة) ليشتريها المستثمرون والذي يكون من حقهم الحصول على حصة من العائد المحقق، إضافة إلى أصل رأس المال، ويمكنهم تداولها بالبيع في السوق الثانوية.

ب – أنواع التوريق بحسب أسلوب أو طريقة التوريق وهى:

الطريقة الأولى: البيع الفعلي الحقيقي للأعيان والمنافع.
الطريقة الثانية: حوالة الحق.
الطريقة الثالثة: التجديد أو الاستبدال أو التنازل.
الطريقة الرابعة: المشاركة الجزئية.

 ج – أنواع التوريق بحسب الضمانات، وتنقسم إلى:

1 – التوريق بضمان أصول ثابتة: مثل التمويل العقاري الذي يكون العقار مرهوناً للمقرض.
2- التوريق بضمانات متحصلات آجلة: وذلك في حالة الديون التي لا يُقَدِّم المدين فيها ضمانات عينية؛ مثل ديون بطاقات الائتمان والسلع الاستهلاكية.
3 – التوريق بضمان حكومي، وذلك في حالة كون المدين جهة حكومية وتضمن الحكومة المركزية السداد من الموازنة العمة للدولة.

د – أنواع التوريق بحسب الجهات الملتزمة بالأصول محل التوريق وتنقسم إلى:

1 – أفراد وذلك يظهر في حالة التمويل العقاري وبطاقات الائتمان، وكذا عند تأجير العين للأفراد أو المشاركات والمضاربات مع أفراد.
2 – مؤسسات، مثل الديون التي على المؤسسات المالية، أو التمويل الإسلامي لبعض المؤسسات.
3 – جهات حكومية، مثل الديون التي على بعض الحكومات ضمن الدين العام، وكذا ما يحدث في التمويل الإسلامي لبعض الحكومات([21]).
تختلف أنواع التوريق/التصكيك باختلاف أصولها على النحو الآتية:
1)  الصكوك المستندة على القروض المضمونة بالرهن العقاري Mortgage Backed Securities وهي تصكيك القروض المستندة على مجموعة من القروض العقاري.
2)  الصكوك المستندة على مجموعة من الأصول ذات التدفقات النقدية الدورية والقروض بأنواعها المختلفة غير الرهون العقارية، بل هو ناتج عن تجميع الأصول المتجانسة ذات التدفقات النقدية في وعاء استثماري واحد وتمثيلها بصكوك قابلة للتداول والاتجار، وهو المعروف بـ Asset Backed Haytham Kholeaf
وتندرج أنواع الصكوك باعتبار نوعية الأصول التي تمثله من ضمن Asset Backed Securities   إلى:

1)           صكوك الديون Debt Based Securities وهي التي تصدر وفق عقود تثبت بها الديون في الذمم كعقد البيع بثمن آجل.
2)           صكوك المبنية على الحصة الشائعة Equity Based Securities وهي التى تصدر وفق عقود مشاركة.
3)           صكوك الإجارة Lease Based Securities وهي التى تصدر وفق عقود الإجارة.

 أركان التوريق

التوريق بصفته عقداً له أركان تتمثل في الآتي:

الركن الأول: (المباشر للعقد) وهم أطراف عملية التوريق:

أ ) الأطراف الأصيلة في عقد التوريق وهم:

1- الجهة أو الشركة المنشئة لمحفظة التورق، ويطلق عليه اصطلاح البادئ أو المنشئ للتوريق، وهو صاحب أو البائع الأول للأصول أو محفظة حقوق مالية تبيعها وتحصل على مقابلها نقدا (The Originator).
2-  شركة التوريق، التي يتم تحويل الأصول محل التوريق إليها من البادئ للتوريق لتتولى إصدار الأوراق المالية بقيمتها ويطلق عليها الشركة ذات الغرض الخاص (Special purpose Vehicle) ويختصر إلى SPV كما يطلق عليها أيضاً المصدر، ودوره يتمثل في الالتزام بسداد قيمة الأصل للمنشئ بمبلغ أقل من القيمة الأصلية له و إصدار الأوراق بالقيمة الكاملة للأصل وكسب الفرق ثم خدمة وضمان مستحقات حملة الأوراق المالية، وهذه الشركة تعتبر كمشتري الأصول من المنشئة ثم تبيعها إلى المستثمرين.
3- الملتزم بحقوق للبادئ بالتوريق.
4- المستثمر الذي يشتري الأوراق المالية المطروحة للاكتتاب في الأصول المورقة، أو Bondholders or Investors، ولهم ن يستردوا أصل قيمتها، ويستحقون العائد على هذه السندات من حصيلة محفظة التوريق في المستقبل.
5- محفظة التوريق أو Portfolio Asset يتم تحصيل الحقوق المالية والعائد عليها وإيداع المتحصلات بحساب خاص يستخدم لسداد مستحقات حملة السندات في تواريخ استحقاقها.

ب) أما الأطراف الأخرى، فهم الذين يتم الاتفاق معهم لتأدية خدمات خاصة لعملية وهم:

1)   وكالات التصفية العالمية: وهى وكالات متخصصة تقوم بإجراء تقييم لبيان مدى الجدارة الائتمانية والمالية للأوراق المالية المطروحة وما تتمتع به من ضمانات وتحديد نسبة المخاطر التي تنطوي عليها.
2)           شركة التصنيف الائتماني  Credit Rating Agency ووظيفتها تحديد قدرة الشركة المنشئة للسندات على الوفاء بالتزاماتها نحو حملة السندات.
3)   الجهة المكلفة بخدمة الأوراق المالية وذلك بالقيام بتحصيل التدفقات النقدية الخاصة بها وتسليمها إلى حملة الأوراق، وهى قد تكون نفس الشركة البادئة، أو غيرها حسب الاتفاق.
4)   الجهة المسئولة عن تحصيل محفظة التوريق  Servicer  وهي الجهة التي تتولى تحصيل الحقوق المالية والمستحقات الآجلة الدفع التي استخدمت كمحفظة توريق وتحصيل العائد عليها.
5)   مدير ومستشار الإصدار يقوم بالتنسيق بين الأطراف المختلفة لعملية التوريق والمساعدة في إعداد نشرة الاكتتاب.
6)   الضامنون لحقوق حملة الأوراق المالية في تحصيل مستحقاتهم، وقد يكونوا إحدى شركات التأمين أو مؤسسة حكومية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تم إنشاء وكالة فيدرالية تعرف باسم المؤسسة الحكومية للرهن العقاري Association Government National Mortgage ويطلق عليها لقب الجينى مى Ginnie Mae وهى مؤسسة حكومية بنسبة 100%، وأساس عملها يتلخص في قيامها بدور الضامن لسندات الرهن العقاري التي يصدرها المورقون الذين تنطبق عليهم مواصفات جينى مى بشأن القيام بإصدار سندات الرهن العقاري.
7)   أمين الحفظ Custodian  أمناء الحفظ، ودورهم يتلخص في حفظ الأوراق المالية واستلام مستحقات حملة هذه الأوراق من القائم بالخدمة وتسليمها لهم.
8)           مستشار الطرح ودوره هو ترتيب وترويج طرح الأوراق المالية في السوق.
9)   ضامنو الاكتتاب ودورهم هو التعهد بأن يتم الاكتتاب في جميع الأوراق المطروحة وأنه إذا بقيت أوراق بدون اكتتاب فيها (دون شرائها) تلتزم بتغطيتها.

الركن الثاني: محل التعاقد، ويتكون من:

أ ) الأصل محل التوريق، الأصول المملوكة للمنشأة، والتي تدر دخلاً بصفة منفردة.

ب) الأوراق المالية المصدرة (سندات أو صكوك) والتي يتم بيعها للمستثمرين، وعادة ما تباع بعلاوة إصدار أي مبلغ زيادة عن القيمة الاسمية للسند أو الصك، وتمثل العلاوة دخلاً لشركة التوريق بجانب الفرق بين القيمة الأصلية للدين المورق، وبين ما تدفعه للمنشأة البادئة، وإضافة لذلك تكون قيمة الاكتتاب وهى ما يدفعه المستثمرون لشراء الأوراق المالية من عناصر محل عقد التوريق.

الركن الثالث: (الرابط) الصيغة التي تعبر عن إرادة المتعاقدين في إبرام الصفقة،

وتتمثل في التوقيع على العقود التي تُبْرَم.

 إجراءات التوريق (كيف تتم عملية التوريق/التصكيك)

تتم عملية التصكيك حسب الخطوات المعينة ومراحلها، من خلال ثلاثة خطوات، وهي([22]):
1)  مرحلة إصدار الصكوك Issuance
2)  مرحلة  إدارة محفظة الصكوك Servicing
3) مرحلة إطفاء الصكوك Repayment to Sukuk Holders

أولاً- مرحلة إصدار الصكوك، وتتم هذه المرحلة بالخطوات التالية([23]):
الخطوة الأولى: الشركة المنشئة تعين الأصول التي يراد تصكيكها بحصر وتجميع ما لديه من الأصول المتنوعة في وعاء استثماري واحد يعرف بمحفظة التصكيك ونقلها إلى SPV وهي كيان مستقل تم تأسيسها من قبل الشركة المنشئة بقرار من هيئة سوق المال وفقا للشروط والإجراءات الخاصة.
الخطوة الثانية: تصكيك الأصول ثم بيعها. تقوم شركة SPV بإعادة تصنيف الأصول وتقسيمها إلى أجزاء أو وحدات تناسب وتلبي حاجات ورغبات المستثمرين، ثم تحويلها إلى صكوك وبيعها إلى المستثمرين.

 ثانيا- مرحلة محفظة الصكوك بعد أن يتم بيع الصكوك للمستثمرين تقوم شركة SPV بإدارة هذه المحفظة نيابة عن المستثمرين طيلة مدة الإصدار بتجميع العائدات والدخول الدورية الناتجة من الأصول وتوزيعها للمستثمرين، كما تقوم بتوفير جميع الخدمات التي تحتاجها المحفظة.

 ثالثا- مرحلة إطفاء الصكوك بدفع قيمة الصكوك الاسمية في التواريخ التى تحددها نشرة الإصدار([24]).
ويتم ذلك وفقاً للخطوات الآتية:

أ)    تملك المؤسسة البادئة للأصل محل التوريق، كما سبق القول فإن التوريق يتم بتحويل أحد الأصول التي تملكها المؤسسة إلى شركة التوريق لتصدر عنها أوراق مالية تطرحها للاكتتاب العام.
ب) علمية فرز وتجميع (حشد) مكونات هذا الأصل في حزمة واحدة تتشابه فيها معدلات العائد وأجل الاستحقاقات.
ج)   تقييم الأصل محل التوريق لتحديد مدى تطابق القيمة الدفترية له مع القيمة التي سيورق بها، وذلك بواسطة أحد مكاتب التثمين.
د )   التقييم  بواسطة إحدى وكالات التصنيف لتحديد الجدارة الائتمانية وللمقترض في حالة الديون ومستوى العائد في حالة أصول المشاركات والإجارات ومدى كفاءة الشركاء وانتظام المستأجرين في سداد المستحق عليهم.
د)    إجراءات اتفاق التعزيز الائتماني بواسطة الضامنين سواء مؤسسات حكومية أو شركة تأمين أو جهة أخرى.
هـ)   الاتفاق مع شركة التوريق على كيفية تحويل الأصل لها حسب أساليب التوريق، وتحديد المبلغ الذي ستدفعه مقابل هذه الأصول.
و)   سداد شركة التوريق المبلغ المستحق عليها للمؤسسة البادئة؛ إما باقتراضها المبلغ من إحدى المؤسسات المالية بفوائد أو من حصيلة التوريق.
ز)   قيام شركة التوريق بإصدار الأوراق المالية الممثلة للأصل بالقيمة الاسمية زائداً علاوة الإصدار، وطرحها للاكتتاب العام على المستثمرين.
ح)   اختيار الجهة التي ستقوم بخدمة الأوراق المالية.
ط)   استلام شركة التوريق لحصيلة الاكتتاب في الأوراق المالية المطروحة من مستشار الطرح، وسداد القرض الذي أخذته من المؤسسة المالية أو دفع مستحقات المؤسسة البادئة.
ى)   قيام الجهة التي تم اختيارها بتحصيل العوائد والأقساط المستحقة لمدين الأصل، وتسليمها لأمين الحفظ لتوزيعها على حملة الأوراق المالية، ثم إطفاء قيمة الأوراق تدريجياً بِرَدِّ جزء من قيمتها لهم.
ك)   يمكن لمَن يرغب من المستثمرين حملة الأوراق المالية، بيع هذه الأوراق في السوق الثانوية؛ إما بالسعر تقسه الذي تم الشراء به، أو أكثر، أو أقل حسب أسعارها في الأسواق المالية.
ل)   في أجل استحقاق الأوراق المالية تكون العملية قد انتهت.
م )   في حالة تأخر أو توقف الملتزمين بالأصل المورَّق عن دفع المستحق عليهم من أقساط أو فوائد أو عوائد تقوم الجهة الضامنة بالسداد لتسليمها للمستثمرين.

طرق (أساليب) التوريق

إن جوهر التوريق يقوم على تحويل أو نقل الأصول محل التوريق من مالكها (المؤسسة البادئة بالتوريق) إلى شركة التوريق.
إن توريق أو تصكيك الأعيان والمنافع يقوم على البيع الحقيقي للأصل محل التوريق لحملة الصكوك.
أما توريق الديون، فإنه يتم ذلك باستعمال إحدى الطرق الآتية.

الطريقة الأولى: نقل الأصول عن طريق حوالة الحق (assignment):

وحوالة الحق إحدى صور انتقال الالتزام، وهى:  أن يحيل الدائن إلى غيره ماله من حق فى ذمة مدينة.
وتختلف عن حوالة الدين التي يقوم فيها المدين بتحويل دائنه على مدين له.
ففي حوالة الحق يكون الدائن الأصلي هو المحيل، والدائن الجديد المحال، والمدين للدائن الأصلي المحال عليه، ومبلغ الدين المحال به.
وطريقة استخدام حوالة الحق في التوريق أن تحيل المؤسسة البادئة للتوريق (الدائن الأصلي) حقوقه قِبَل المدينين بصفاته (القيمة ونوع العملة) وتوابعه (الفوائد والأقساط) وضماناته، إلى شركة التوريق بمقابل أقل من قيمة الدين؛ لتتولى توريقه بطرح الأوراق المالية للاكتتاب العام.
وتنقضي علاقة الدائن الأصلي المحيل بمجرد انعقاد حوالة الحق فلا يضمن سداد الدين ولا يحصله إلا إذا تم الاتفاق على قيامه بتحصيله بصفته نائباً عن شركة التوريق (المحال إليه) وبمقابل لأتعابه([25]).

الطريقة الثانية: نقل الأصول عن طريق التجديد أو التنازل أو الاستبدال (Novation)

أو حلول شركة التوريق محل المؤسسة البادئة للتوريق في ملكية الأصل.
ويكون باتفاق (ثلاثي) بين المدين من جانب، والمؤسسة البادئة للتوريق (الدائن الأصلي) وشركة التوريق من جانب آخر على انقضاء الالتزام الأصلي بين المدين والدائن الأصلي، ونشوء التزام جديد مكانه بين المدين وشركة التوريق.
ولا تنتقل التأمينات العينية التي تكفل تنفيذ الالتزام الأصلي إلا بالاتفاق على ذلك بين الأطراف الثلاثة كما لا تنتقل التأمينات الشخصية إلا برضا الضامنين([26]).
الطريقة الثالثة: المشاركة الجزئية الفرعية: وتقوم هذه الطريقة على اتفاق بين المؤسسة البادئة للتوريق ( الدائن الأصل ) وبنك يسمى البنك المشارك أو القائد ينطوي هذا الاتفاق على قيام البنك المشارك بتقديم مبلغ (قرض) للمؤسسة مقابل سندات مديونية على أن يسترد البنك المشارك أمواله وفوائدها عندما تستلم المؤسسة البادئة (من المدين) من المدنين أقساط الدين وفوائدها ثم تسليمها للبنك المشارك.
فالعملية بهذا الشكل قرض من البنك المشارك بضمان الديون التي للمؤسسة البادئة على الغير مع الربط بين سداد هذا القرض والمتحصلات من المدينين، ودون أن تكون هناك علاقة بين البنك المشارك والمدينين، كما أن المؤسسة ملتزمة فقط بالسداد عندما تستلم المبلغ من المدنين والبنك المشارك هو الذي يتولى توريق الدين فهو مصدر أيضاً([27]).
ومن الجدير بالذكر أن طريقة حوالة الحق هي الطريقة الأكثر تطبيقاً في عمليات التوريق([28]).

الأصول المحظور دخولها في التوريق/التصكيك

اتفق الفقهاء على حرمة دخول الأصول التي تستند إلى القروض الربوية.
أما الخلاف ففي كون الأصول مجموعة من القروض في الذمم المستندة إلى الأدوات التمويلية الإسلامية كالبيع بثمن آجل والمرابحة، فهل يجوز تصكيكها؟.
قرر هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عدم جواز تصكيك الديون في الذمم([29])؛ وذلك لعدم جواز بيع الدين عند جمهور الفقهاء.
أما في ماليزيا، فقد أصدر المجلس الاستشاري الشرعي بهيئة الأوراق المالية الماليزية قرارا بجواز بيع الدين، وبالتالي جواز توريق الديون في الذمم([30]).
وبرر قراره بأن السبب الأساسي في اختلاف الفقهاء هو الغرر وعدم القدرة على التسليم، وذلك ينتفي بوجود هيئة خاصة لمراقبة العملية كلها تحت البنك المركزي وكذلك هيئة الأوراق المالية. فلذلك يمكن التغلب على مسألة الغرر([31]).

مخاطر التوريق

إن السندات القائمة على التوريق وإن كانت مضمونة من حيث العقود والالتزامات من قبل الجهة المصدرة ونحوها، ولكن هناك مخاطر غير مباشرة كما حدث ذلك للسندات القائمة على الرهون العقارية الأمريكية التي أدت إلى انهيار معظم المؤسسات الكبرى، وإلى أزمة في الاقتصاد الأمريكي، والأوروبي وغيرهما.
إن التوريق يعتمد على الأصول (الديون) التي تمثل مصدر إعادة الوفاء، أو مرد الوفاء الذي يعد العمود الفقري لصفقة التوريق بكاملها، ولذلك فإن أي خطر يهدد هذه الديون قبل الوفاء بها يمثل تهديداً للشركة المصدرة (S.P.V) وللمستثمرين، بل إن سندات التوريق كما تتأثر بأي خطر يهدد المدينين، كذلك تتأثر بأي خطر يهدد البنك الدائن الأول الضامن، حيث إن اضطراب مركزه المالي يمثل خطراً مهدداً بإفلاسه، وهذا بالضرورة ينعكس على أصوله، وبالتالي على أدائه ووفائه[32].
ومن أهم مخاطر التوريق ما يأتي:
1)   مخاطر الضمانات، حيث إن سندات التوريق تعتمد في الغالب على ضمانات ديونها المتمثلة في الرهون العقارية، حيث إنها معرضة لتقلبات خطيرة في أسعارها ناهيك عن التقديرات المُبالغ فيها لقيمتها بسبب المضاربات فيها، وما الأزمة المالية الناتجة عن الرهون العقارية وسنداتها عنا ببعيد.
2)   مخاطر إفلاس المؤسسات المالية الضامنة، والمؤسسات العاملة في التوريق ـ كما نرى اليوم ـ وعلى الرغم من أن البنك قد يمنح حق امتياز لديون التوريق، أو اختصاص أو رهن على بعض ممتلكاته، ولكن كل ذلك لا يحول دون تعرض السندات لخطر العجز عن الوفاء، أو التأخير في دفع قيمتها.
3)           مخاطر تقلب أسعار العملات، والتضخم.
4)           مخاطر تقلب أسعار الفائدة.
5)           مخاطر التسويق والسوق.
      فهذه هي أهم المخاطر التي تتعلق بالتوريق يمكن تلخيصها في خطرين اثنين نذكرهما مع كيفية الحدّ من آثارهما، وهما:
-  خطر التأخير عن الأداء.
-  وخطر العجز عن الوفاء بأصل الدين وفوائده.
      وهما خطران كبيران يرجعان إلى طبيعة السندات القائمة على الائتمان والديون دون الأصول العينية الحقيقية، وبالتالي فإن أية هزة تهزّ مركز المدينيين والضامنين أو أحدهما ستنعكس آثارها على السندات نفسها، ومن جهة أخرى فإن ربط السندات بقدرة العملاء على الأداء والوفاء يعرضها لحالة كل واحد منهم من حيث القدرة والعجز، والوفاة والإعسار والإفلاس إضافة إلى ما يتعرض له البنك الدائن البادئ للتوريق.
نعم إن للطرف الآخر الحق في مطالبة ذلك البنك في حالة إنهاء العقد بالتعويض، غير أن مبلغ التعويض ليس له أولوية في القانون الأمريكي وبعض القوانين الأخرى، بل يصنف ضمن التعويضات العامة غير المضمونة بالنسبة للبنك البادئ للتوريق.
والخلاصة أن هناك مخاطر كبيرة في سندات التوريق في حالة الإفلاس، ومع ذلك أقبلت عليها المؤسسات التقليدية بشكل كبير بدافع تضخم رأس المال والفوائد، ولذلك فالصيغة التي تحقق نوعاً من الحيطة والحذر هي فصل الأصول عن البنك البادئ للتوريق من خلال بيعها للمصدر (S.P.V) إضافة إلى دراسة حالة البنك، والمدينيين، وكل ما يتعلق بالموضوع حتى تقل المخاطر.
- مخاطر الائتمان.
- مخاطر مؤسسية للجهات العاملة في التوريق.
- مخاطر تتعلق بإدارة وتشغيل عملية التوريق.
- مخاطر تقلب أسعار الفائدة.
 الصكوك في المعيار الشرعي
وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان، أو ملكية منافع، أو خدمات، أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص.
وقد ذكر المعيار الشرعي (17) الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية أنواع صكوك الاستثمار:
صكوك ملكية الموجودات المؤجرة.
صكوك ملكية المنافع.
صكوك السلم.
صكوك الاستصناع.
صكوك المرابحة.
صكوك المشاركة.
صكوك المزارعة.
صكوك المساقاة.
صكوك المغارسة.
وحدد المعيار المذكور الضوابط الشرعية لتداول الصكوك، من حيث جواز تصكيك (توريق) الموجودات من الأعيان والمنافع والخدمات، بخلاف الديون التي لا يجوز تصكيكها (توريقها) بغرض تداولها.
وهناك أنواع أخرى:
صكوك المضاربة.
صكوك الإجارة والأعيان المؤجرة.
صكوك الخدمات.
 الضوابط الشرعية لإصدار وتداول الصكوك الشرعية
إن الصكوك الاستثمارية الإسلامية القائمة على أساس عملية التوريق تصدر بالاستناد لعقد شرعي على أساس صيغة من صيغ التمويل الإسلامية، وتترتب على هذا العقد أحكام وآثار هذه الصيغة([33])، ويوجه الإيجاب إلى المكتتبين عن طريق نشرة الإصدار التي تتضمن جميع أركان وشروط العقد الشرعي الذي تصدر الصكوك الاستثمارية على أساسه، ويعتبر شرائهم لهذه الصكوك قبولاً.
وإصدار الأوراق المالية الإسلامية محكوم بضوابط شرعية عامة تنطبق على جميع عمليات التوريق الإسلامية وضوابط شرعية خاصة وفقاً للصيغة التي تمت عملية التوريق على أساسها نبينها فيما يلي([34]):
 الضابط الأول:
أن يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أُصدِرَت الصكوك لإنشائه أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته.
ويترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وإرث وغيرها، مع ملاحظة أن الصكوك تمثل موجودات المشروع ـ العينية والمعنوية ـ وديونها.
 الضابط الثاني:
يقوم العقد في الصكوك على أساس أن شروط التعاقد تحددها (نشرة الإصدار) وأن (الإيجاب) يعبر عنه (الاكتتاب) في هذه الصكوك، وأن (القبول) تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة.
إلا إذا صرح في نشرة الإصدار أنها إيجاب فتكون حينئذ إيجابا ويكون الاكتتاب قبولاً([35]).
ولا بد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في العقد الذي يمثله الصك؛ من حيث بيان معلومية رأس المال، وتوزيع الربح، مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار؛ على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية.
 الضابط الثالث:
أن تكون الصكوك قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من الشركاء مع مراعاة الشروط التالية:-
‌أ- إذا كان رأس مال المشروع المتجمع بعد الاكتتاب، وقبل مباشرة العمل ما يزال نقوداً فإن تداول الصكوك يعتبر مبادلة نقد بنقد وتطبق عليه أحكام الصرف ـ من تقابض البدلين في مجلس الصرف قبل التفرق، والخلو عن الخيار، والتماثل؛ إذا بيع أحد النقدين بجنسه([36])، أي إن القيمة الاسمية المدفوعة هي الأساس، حيث يباع فيها الصك دون زيادة أو نقصان.
‌ب-  إذا صار رأس المال ديوناً تطبق على تداول الصكوك أحكام التعامل بالديون([37]).
‌ج- إذا صار رأس المال موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع؛ فإنه يجوز تداول الصكوك وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع([38]).
 كما يجب مراعاة الشروط التالية (في حدها الأدنى) في نشرة الإصدار:
أن تكون الصيغة التي أصدر الصك على أساسها مستوفية لأركانها، وشروطها، وألا تتضمن شروطاً تنافي مقتضاها أو يخالف أحكامها، من ذلك:
1- أن ينص في النشرة على الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وعلى وجود هيئة رقابة شرعية تعتمد آلية الإصدار وتراقب تنفيذه طوال الوقت.
2- أن تتضمن النشرة تحديد مجال الاستثمار وتحديد  صيغة التمويل الإسلامي الذي تصدر الصكوك على أساسها، كالإجارة، أو المضاربة، أو المشاركة، أو المرابحة، أو السلم، أو المزارعة.
3- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو الصكوك على نص بضمان حصة الشريك في رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع، أو منسوب إلى رأس المال، فإن نص على ذلك صراحة أو ضمناً بطل شرط الضمان([39]).
4- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار، ولا الصك الصادر بناء عليها على نص يلزم أحد الشركاء ببيع حصته، ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل. وإنما يجوز أن يتضمن الصك وعداً بالبيع. وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد، وبالقيمة التي يرتضيها الخبراء، وبرضا الطرفين.
5-   لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار، ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح؛ فإن وقع كان الشرط باطلاً، ويصح العقد، وتوزع الأرباح بحسب رؤوس الأموال، إن لم يكن قد تم الاتفاق على نسب التوزيع.
ويترتب على ذلك:
عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك، أو صاحب المشروع في نشرة الإصدار والصكوك الصادرة بناء عليها.
محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال، وليس الإيراد أو الغلة. ويعرف مقدار الربح، إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح، الذي يوزع بين حملة الصكوك ؛ وفقاً لشروط العقد.
يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع، ويجب أن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك.
6-   يُسْتَحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة؛ فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
7-  ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، أما من حصة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب، ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
8-   ليس ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو الصكوك على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته، وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، وعلى أن يكون التزاماً مستقلاً عن العقد؛ بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك الدفع ببطلان العقد، أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به ؛ بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.

 أبرز التحديات
ضعف الوعي بأهمية الصكوك، وضرورتها الاقتصادية.
غياب الإطار التشريعي الواضح والمنظم لعملية إصدار وإدارة الصكوك.
ضعف آلية العمل في السوق الثانوية؛ إن وُجِدت.
قصر التداول في مجمل السوق الثانوية بين البنوك وعدد قليل من المؤسسات الاستثمارية، مما يطيل إجراءات التداول والمقاصة.
غموض النصوص النظامية المتعلقة بالصكوك.
صعوبة توفير العناصر اللازمة لحماية أصول الصكوك من مخاطر الأصول الأخرى المملوكة للمصدر.
الاختلافات الفقهية رغم وجود المعايير الشرعية.
بعض الصكوك لا تعدو أن تكون نوعاً من أنواع بيع العينة المحرم.
بعض الصكوك الإسلامية عقود مركبة لا تقبل التجزئة صيغت لتحقيق عائد مضمون من الربح وضمان لرأس المال فيكون مصدر الصكوك قد باع عيناً ـ مثلاً باع أرضا لإنشاء مطار دولي ـ بثمن حال، ثم استعاد تملكها ممن باعها منه بثمن مؤجل مقسط يزيد على الثمن الحال.
الصورية وعدم القصد في تملك العين قصداً.

  ملخص البحث
بدأت الحديث بجملة من الأخبار ذات الصلة بإصدار الصكوك الإسلامية، ثم بتمهيد عن الأصل الشرعي للمستجدات في المعاملات، ثم بينت المفاهيم الأساسية للتوريق؛ عبر الحديث عن تمييز التوريق عن الإصدار المباشر للأوراق المالية، وتحرير المصطلحات، ثم التعريف بالتوريق.
بعد ذلك تحدثت عن أهمية التوريق.
ثم عن نشأة عملية التصكيك/التوريق، وبخاصة عن نشأة الصكوك الإسلامية، ومراحل تطورها.
ثم تحدثت عن دوافع التوريق، مع بيان منافع وفوائد التوريق.
وقد ذكرت أنواع التوريق/التصكيك؛ وذلك حسب نوع الأصول محل التوريق، وحسب أسلوب أو طريقة التوريق، وحسب الضمانات، وحسب الجهات الملتزمة بالأصول محل التوريق.
ثم انتقلت للحديث عن أركان التوريق، من خلال تفصيل وقياس مقومات العقد على التورق.
ثم كان الحديث عن إجراءات التوريق (كيف تتم عملية التوريق/التصكيك)؛ من خلال ثلاثة خطوات؛ مرحلة إصدار الصكوك Issuance، ومرحلة  إدارة محفظة الصكوك Servicing، ومرحلة إطفاء الصكوك Repayment to Sukuk Holders.
ثم تحدثت عن طرق (أساليب) التوريق.
كما بينت الأصول المحظور دخولها في التوريق/التصكيك.
وقد ذكرت بعض مخاطر التوريق.
ولخصت المعيار الشرعي الخاص بالصكوك.
وتوسعت في الحديث عن الضوابط الشرعية لإصدار وتداول الصكوك الشرعية.
وختمت ببيان أبرز التحديات.

المراجع :
________________________________________
([1]) الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى، الموافقات في أصول الشريعة، بيروت: دار المعرفة، ط 4،  1999م، 1/253.
([2]) الحاكم، النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، بيروت: دار المعرفة، 2/375.
([3]) انظر المعجم العربي الأساسي ـ لاروس ـ 1302
([4]) قاموس مصطلحات المصارف والمال والاستثمار إصدار الأكاديمية العربية للعلوم المالية والعربية 1997 م.
([5]) د/ نزيه حماد، بيع الدين، أحكامه وتطبيقاته المعاصرة، بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدورة الحادية عشرة.
([6]) لسان العرب لابن منظور.
([7] ) لسان العرب، مادة (صك).
([8] ) زياد، الدماغ، دور الصكوك الإسلامية في دعم الشركات المساهمة، بحث مقدم في مؤتمر عالمي عن الاجتهاد والإفتاء في القرن الحادي والعشرين: تحديات وآفاق، كوالالمبور، 2008 م.
([9])  Dualeh، Suleiman Abdi، Islamic Securitization: Practical Aspects، Unpublished paper presented in World Conference on Islamic Banling، Geneva، 1998.
([10] ) قحف، منذر، سندات الإجارة والأعيان المؤجرة، (جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، 2000 م، ص 34.
([11]) مجلة المجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامسة عشر، الجزء الثاني، 1425هـ/2004 م، ص 309.
([12] ) هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، 2007، البند 2 من المعيار الشرعي رقم 17.
([13] ) بدوي، عبد المطلب، التوريق كأداة من أدوات تطوير البورصة المصرية، بحث مقدم في مؤتمر أسواق الأوراق المالية والبورصات: آفاق وتحديات المنعقد في دبي، سنة 2007 م.
([14]) جريدة الاقتصادية عدد 12 نوفمبر 2008، نقلاً عن وكالة رويترز للأنباء.
([15]) يُنْظَر المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي الأردني
([16]) د. مدحت صادق، أدوات وتقنيات مصرفية، دار غريب، القاهرة، ص241-244. د. سعيد عبد الخالق، توريق الحقوق المالية، نشر شركة لادس، www.tashreaat.com.
([17]) نشرة تعريفية صادرة عن البورصة المصرية بعنوان: نبذة عن الأوراق المالية المضمونة بأصول\\\" فقرة: لماذا يلجأ المصدر والمستثمر إلى التوريق.
([18] ) شلبي، ماجدة أحمد إسماعيل، تطوير أداء سوق الأوراق المالية المصرية في ظل التحديات الدولية ومعايير حوكمة الشركات وتفعيل نشاط التوريق، بحث مقدم في مؤتمر أسواق الأوراق المالية والبورصات: آفاق وتحديات المنعقد في دبي، سنة 2007 م.
([19] ) نقاشي، محمد إبراهيم، عملية التصكيك ودورها في تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية، بحث مقدم في المؤتمر العالمي عن مقاصد الشريعة الإسلامية وسبل تحقيقها في المجتمعات المعاصرة، كوالالمبور، 2006 م.
([20] ) شلبي، ماجدة أحمد إسماعيل، تطوير أداء سوق الأوراق المالية المصرية في ظل التحديات الدولية ومعايير حوكمة الشركات وتفعيل نشاط التوريق.
([21])  كما حدث في مملكة البحرين.
([22])  Adam، Nathif J. and Abdulkader Thomas، Islamic Bonds: Your Guide to Issuing، Structuring and Investing in Sukuk، (London: Euromoney Books)، 2004، p. 56
([23] ) نقاشي، محمد إبراهيم، عملية التصكيك ودورها في تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية.
([24]) Iqbal، Zamir and Mirakhor، Abbas،  An Introduction to Islamic Finance: Theory and Practice، (Singapore: John Wiley & Sons، 2007، p. 178-180.
([25]) المادة 41 مكرر1 من قانون سوق المال المصري.
([26]) المواد 352-358 من القانون المدني المصري، وتختلف هذه الطريقة عن طريقة حوالة الحق في أمرين: أولهما  أن المدين ليس طرفا في اتفاق حوالة الحق، ويُكتفى بإعلانه بالحوالة فقط حتى لا يستمر في السداد للدائن الأصلي، بينما هو طرف أصلى في اتفاقية أو عقد التجديد، وثانيهما: أن التأمينات (العينية والشخصية) المقدَّمة من المدين للدائن الأصلي تنتقل لشركة التوريق بعقد الحوالة، أما في التجديد فلا تنتقل إلا باتفاق على ذلك.
([27]) ويتعرض البنك المشارك لحظر ائتماني مزدوج يتمثل في الآتي: لو أفلست المؤسسة البادئة للتوريق وكانت لديها متحصلات من المدينين لم يسلمها بعد  للبنك المشارك فإن هذه المتحصلات تدخل في الضمان العام لكل الدائنين دون تخصيصها للبنك المشارك. لو تعرض المدين لإعسار أو إفلاس فإن البنك المشارك بتأثر بذلك لربط استلام مستحقاته بالتحصيل منهم.
([28]) حسب نص القوانين عليها مثل قانون سوق المال المصري رقم 95 لسنة 1992، والقانون الفرنسي بشأن الأوراق المالية رقم 706 لسنة 2003.
([29]) هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، 2007، البند 5 من المعيار الشرعي رقم 1
([30])  Resolutions of the Securities Commission Shariah Advisory Council، Kuala Lumpur، 2nd ed.، 2006، p. 16
([31])  Resolutions of the Securities Commission Shariah Advisory Council، Kuala Lumpur، 2nd ed.، 2006، p. 19
([32]) د. حسين فتحي عثمان، ص 20.
([33] ) هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، ص 313.
([34]) استفيدت الضوابط من قرار مجمع الفقه الإسلامي، رقم (5) د4/8/88.
[35]      هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، المعايير الشرعية، ص.316. وانظر أيضا: الشريف، محمد عبد الغفار؛ الضوابط الشرعية للتوريق والتداول للأسهم والحصص والصكوك، بحث مقدم إلى ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي، 2002، المنامة – مملكة البحرين، ص. 7
([36]) يُنْظَر: بدائع الصنائع 5/215، المغني لابن قدامه 4/41، الموسوعة الفقهية 26/350، 354، 355.
([37]) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين 4/166، المبدع 4/199.
([38]) يُنْظَر: المجموع 9/265.
([39]) يُنْظَر: الشرح الصغير للدردير 4/42، المغني 5/148، 183، 6/118.

الجمعة، 27 مايو 2016

خيانة اليهود بين الأمس واليوم إعداد : محمد أبوغدير المحامي

اولا : معنى الخيانة لغةً واصطلاحًا .
ثانيا : ذكر صفة الخيانة في الكتاب والسنة ، وبيان خيانة اليهود في القرآن الكريم .
ثالثا : خيانة اليهود وغدرهم بالنبي بالمدينة ، وأنهم مصدر كل فساد في كل زمان ومكان .
رابعا : اختراق اليهود العالم الإسلامي والسعي لتفتيته ، وهرولة الحكام نحو التطبيع الكامل معهم .

تقديم :
الذي يمعن النظر في آيات القرآن الكريم يرى أَنَّ الله تبارك وتعالى يصف اليهود - لعنهم الله - بأقبح الصفات والأخلاق ، وأن أخص صفاتهم هي الخيانة والغدر ، لأن اليهود يرون أنفسهم أفضل الأجناس ، ويعتقدون أَنَّهم الجنس السامي والراقي ، وأنهم شعب الله المختار ، وأن الناس جميعاً لهم عبيد .
وبالأمس قتل اليهود الأنبياء وخانوا وغدروا بالرسول في المدينة ، وكانوا وراء الإلحاد ، وسوء الأخلاق ، وفساد التصور والفكر ، وتفكك الأسر وتفتيت المجتمعات ، وفسـاد الصحافة والإعلام ، ولذلك أطلق القرآن وصفه لهم بالسعى في الأرض فسادا ، مطلق الفساد دون تقييده بنوع معين ، وهم  مصدر لكل فساد في كل زمان ومكان .

واليوم أحتل اليهود الاراضي المقدسة ودنسوها ، واخترقوا  العالم الإسلامي ، وسعوا لتفتيته ،  وتخاذل الحكام العرب والمسلمين عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية ، وسارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .

والحديث حول خيانة اليهود وغدرهم يقتضي بيان العناصر الآتية :
اولا : معنى الخيانة لغةً واصطلاحًا .
 ثانيا : ذكر صفة الخيانة في الكتاب والسنة ، وبيان خيانة اليهود في القرآن الكريم .
ثالثا : خيانة اليهود وغدرهم بالنبي بالمدينة ، وأنهم مصدر كل فساد في كل زمان ومكان .
رابعا : اختراق اليهود العالم الإسلامي والسعي لتفتيته ، وهرولة الحكام نحو التطبيع الكامل معهم .
وبيان ذلك في الآتية :



أولا : معنى الخيانة لغةً واصطلاحًا :


أ - معنى الخيانة لغةً:

الخيانة نقيض الأمانة، من خانه خَوْنًا وخيانة ومَخَانة، واختانه، فهو خائن وخائنة وخؤون وخَوَّان والجمع خانة وخَوَنَةً وخُوَّان، ويقال: خُنْتُ فلانًا، وخنت أمانة فلان .


٢ - معنى الخيانة اصطلاحًا :

قال الراغب: الخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر ، والأظهر أنها شاملة لجميع التكاليف الشرعية .

وقال ابن عاشور: حقيقة الخيانة عمل من اؤتمن على شيء بضد ما اؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة .



ثانيا : ذكر الخيانة في الكتاب والسنة  :


أ - ذكر الخيانة في القرآن الكريم :

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال : 27
قال الله تعالى : ( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ) الأنفال : 58 .
قال الله تعالى : ( وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ) النساء : 107 .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) ، الحج : 38 .


ب - ذكر الخيانة في الحديث الشريف  :

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنَّه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة ) سنن ابن ماجه .
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ بعدكم قومًا يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَن ) رواه البخاري .
وعن جابر رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخوَّنهم، أو يلتمس عثراتهم ) رواه مسلم .


ج- القرآن الكريم يفضح خيانة اليهود وغدرهم  :

صفة الخيانة والغدر من أخص صفات اليهود إذ أنهم دائماً ينقضون عهد الله وميثاقه، وكذلك يلبسون الحق بالباطل ، وكانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، قد تكرر في سورة البقرة تذكيرهم بهذا الغدر وهذه الخيانة، وتذكيرهم بنقض عهد الله من بعد ميثاقه وتكرر ذمهم على ذلك في سورة البقرة أربع مرات .

الموضع الأول : قال الله تعالى : ( وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطٌّورَ خُذُوا مَا ءَاتَينَاكُم بِقُوَّةٍ, وَاذكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(63)ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِن بَعدِ ذَلِكَ فَلَولاَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَكُنتُم مِنَ الخَاسِرِينَ ) 64 البقر .
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أَنَّ موسى عليه السلام لَمَّا رجع من عند ربه بالألواح قال لهم : إِنَّ فيها كتاب الله فقالوا : لن نأخذ بقولك حتى نرى الله جهرة ، فيقول هذا كتابي فخذوه فأخذتهم الصاعقة فماتوا ثم أحياهم ، ثم قال لهم بعد ذلك : خذوا كتاب ربكم فأبوا فرفع فوقهم الجبل جبل الطور ، وقيل لهم : خذوا الكتاب وإِلاَّ طرحناه إليكم فأخذوه ثم نبذوه وراء ظهورهم فلم يعملوا به ولذلك قال الله تعالى : { ثُمَّ تَوَلَّيتُم مِن بَعدِ ذَلِكَ } البقرة ، أي ثم أعرضتم عن الميثاق و الوفاء به.

الموصع الثاني : قال الله تعالى : {وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم وَرَفَعنَا فَوقَكُمُ الطٌّورَ خُذُوا مَا ءَاتَينَاكُم بِقُوَّةٍ, وَاسمَعُوا قَالُوا سَمِعنَا وَعَصَينَا ) 93 البقرة  .
قال القفال: فحرفوا التوراة وتركوا العمل بها، وقتلوا الأنبياء وكفروا بهم وعصوا أمرهم ) ، فكان لسان حالهم مؤيداً لسان قولهم سمعنا وعصينا .

وأَمَّا الموضع الثالث : فصرح الله فيه بغدر اليهود وخيانتهم ونقضهم عهد الله من بعد ميثاقه قوله تعالى: { وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسرَائِيلَ لاَ تَعبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَانًا وَذِي القُربَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيتُم إِلاَّ قَلِيلاً مِنكُم وَأَنتُم مُعرِضُونَ ) 83 البقرة .
وهذه الآية تدل على وحدة الدين ووحدة أصوله ، وأصل الدين هو التوحيد ومعناه إفراد الله -تعالى- بالعباد بحيث لا يعبد غيره ولا يعبد معه غيره، إِنَّمَا يعبد وحده لا شريك له، ولهذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب .

الموضع الرابع : قول الله تعالى : { وَإِذ أَخَذنَا مِيثَاقَكُم لاَ تَسفِكُونَ دِمَاءَكُم وَلاَ تُخرِجُونَ أَنفُسَكُم مِن دِيَارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُم تَشهَدُونَ(84)ثُمَّ أَنتُم هَؤُلاَءِ تَقتُلُونَ أَنفُسَكُم وَتُخرِجُونَ فَرِيقًا مِنكُم مِن دِيَارِهِم تَظَاهَرُونَ عَلَيهِم بِالإِثمِ وَالعُدوَانِ وَإِن يَأتُوكُم أُسَارَى تُفَادُوهُم وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيكُم إِخرَاجُهُم أَفَتُؤمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَتَكفُرُونَ بِبَعضٍ , فَمَا جَزَاءُ مَن يَفعَلُ ذَلِكَ مِنكُم إِلاَّ خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ القِيَامَةِ يُرَدٌّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ, عَمَّا تَعمَلُونَ ) 85 البقرة.

ومما ينبغي على كل مسلم أن ينتبه له : أن اليهود هم أصل كل فساد وقع في الأرض، وهم الذين أوقدوا نيران جميع الحروب التي وقعت في العالم، فإنهم كما وصفهم الله : ( كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين ) المائدة 64 .



ثالثا : خيانة اليهود وغدرهم بالنبي بالمدينة ، وأنهم مصدر كل فساد في كل زمان ومكان :

كان اليهود من أقوى سكان المدينة لأنهم يمتلكون ناصية تجارتها ، وقبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة كان لهم دور كبير في إثارة الخلافات بين القبائل الموجودة فيها ، لكي يبقوا هم الأقوى في المدينة .

وعندما هاجر صلى الله عليه وسلم إليها بدأ اليهود يشعرون بأن دورهم قد انتهى ، لذلك كان ترحيبهم بهجرة الرسول ترحيباً مفتعلا ومشوباً بالحذر ولا يتضمن تسليمهم بقيادة الرسول فضلا عن نبوته والخضوع لأحكام الإسلام .

  ويعتقد اليهود أن النبوة فيهم أبدا وليس في أية سلالة عربية ، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ سورة البقرة: الآية 89 ، لذلك كانت خيانتهم ومؤامراتهم على الرسول المستمرة في المدينة ، وذلك على التفصيل الآتي بيانه :-


أ - خيانة اليهود للرسول وخروجهم على وثيقة المدينة  :

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم بطبيعتهم النفسية والسلوكية الماكرة الغادرة التي كانوا يمارسونها قبل هجرته ، وأدرك الرسول واقعهم الجديد وتفاعلاته التي تضر بالبنية الداخلية للدولة الناشئة ، فعقد صلى الله عليه وسلم " وثيقة المدينة" أو المعاهدة بين المسلمين واليهود، كما أطلق عليها دستور المدينة أيضاً.

وقد ذكر ابن هشام هذه الوثيقة في سيرته فقال : كتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم... وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم، وللمسلمين مواليهم وأنفسهم ، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يُوتغ - يعني يهلك - إلا نفسه وأهل بيته، وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم. وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم. وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .

وقد تضمنت موافقة اليهود على الوثيقة اعترافا ضمنيا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومن ثم رتبت عليهم واجبات هي وقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وخضوعهم إلى أحكامه ، ومن ثم ضرورة التزامهم ببنود هذه المعاهدة ، وكفلت لهم حرية الاعتقاد وجعلتهم مع المسلمين أمة واحدة لهم ما لها وعليهم ما عليها من التعاون والتناصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، والدفاع عن المدينة عند تعرضها لأي اعتداء ، ومن هنا دخلت معظم القبائل اليهودية هذه المعاهدة تباعاً، وشاطروا المسلمين الحياة في المدينة.

ولكن أنى لمن جبلت نفسه على الخيانة والغدر أن يطيق الالتزام ويتحمل تبعات المعاهدات والمواثيق ولو لمرة واحدة في التاريخ؟!
فلقد ارتفع غليان حقد اليهود على الجماعة المسلمة حال انتصارها في معركة بدر الكبرى رمضان عام 2هـ على كفار قريش ، فانطلق اليهود بكل ما يملكون من دس وكيد وتآمر يحاولون تفتيت الصف الإسلامي، وإلقاء الحيرة في قلوب المسلمين، ونشر الشبهات والشكوك، في عقيدتهم وفي أنفسهم على السواء .


ب - خيانة بني قينقاع للنبي صلى الله عليه وسلم عقب غزوة بدر :

أثار انتصار المسلمين في موقعة بدر في (رمضان عام 2 هـ-623م) اليهود لاسيما يهود بني قينقاع منهم الذي أظهروا للمسلمين الحسد والحقد ، حتى بلغ بهم الأمر إلى حد المجاهرة بالعداء ! ، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ذلك أراد أن يأتيهم بالتي هي أحسن فجمعهم في سوقهم - وكانوا صاغة - ليدعوهم إلى الإسلام من جديد ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً، قالوا: يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا  ، سنن أبي داود.
وكان هذا الرد يتضمن عنجهية من يهود بني قينقاع واستعلاء واستفزازا وتهديدا للرسول صلى الله عليه وسلم وللجماعة المسلمة إلا أنه غض الطرف وتركهم وشأنهم ، ثم استبد الطغيان والسفاهة في بني قينقاع بحيث بلغ بهم الاستهتار أن اعتدوا على حرمات المسلمين .

فقد ذكر ابن هشام في سيرته أنه : كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع ، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله – وكان يهودياً – وشدت اليهود على المسلم فقتلوه ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين نبي قينقاع فلم يجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - بدًّا من غزو هؤلاء الخائنين ، وقد نقضوا العهد الذي بينه وبينهم بهذه الفعلة النكراء ، فحاصرهم خمس عشرة ليلة ، ثم فك الحصار عنهم وأجلاهم عن المدينة بعد أن أخذ أسلحتهم ، فارتحلوا مخذولين إلى حدود بلاد الشام   .
وهكذا كان بنو قينقاع أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه، وذلك بأن يخرجوا بأنفسهم ونسائهم وذراريهم دون أموالهم من المدينة .


ج - خيانة بني النضير ومحاولتهم قتل النبي صلى الله عليه وسلم :

إن بني النضير مثل غيرهم من اليهود لم يفرحوا بنصر المسلمين في بدر وكانوا يكتمون للمسلمين حقداً، وحسداً لتعاظم شأنهم، وكانوا يتربصون بالمسلمين،ويكيدون لهم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعين بهم في دية القتيلين من بني عامر، اللذين قتلا عمرو بن أمية الضّمريّ، للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذلك القتيلين قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك ما أحببت مما استعنت بنا عليه.
ثم خلا بعضهم ببعض - وكان ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ؟
فانتدب لذلك عمر بن جحاش بن كعب، أحدهم ، فقال: أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضوان الله عليهم .
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء مما أراد القوم ، فقام وخرج راجعاً إلى المدينة فلما استلبث النبي أصحابه قاموا في طلبه ، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه، فقال: رأيته داخلاً المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه ، فأخبرهم الخبر، بما كانت اليهود أرادت من الغدر به.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم ، ثم سار بالناس حتى نزل بهم ، فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله بقطع النخيل والتحريق فيها.. وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم ألا الحَلْقة [السلاح كله] ففعل» وورد في الأثر:«قال: حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم، حتى حاربت قريظة [ أي نقضت العهد وصارت محاربة ]. صحيح البخاري .
وهكذا نقض بنو النضير عهودهم التي تحتم عليهم ألا يؤووا عدواً للمسلمين ففعلوا ولم يكتفوا بهذا النقض بل حاكوا مؤامرة لاغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكانوا من قبل ذلك أرشدوا أعداء المسلمين إلى مواطن الضعف في المدينة وأفشوا بأخبار المسلمين فيها إليهم. وقد حصل ذلك في غزوة "السويق" في ذي الحجة السنة الثانية للهجرة .


د - خيانة يهود بني قريظة للنبي صلى الله عليه وسلم حال غزوة الأحزاب  :

إن أبرز خيانة واجهها الرسول صلى الله عليه وسلم والجماعة المسلمة معه كانت من بني قريظة الذي نقضوا عهودهم في وقت كان المسلمون محاطين بأعدائهم من كل الجهات وجاء اليهود ليغدروا بهم من الداخل في ظن منهم أن المسلمين في ضيق شديد وأن خيانتهم وتحالفهم مع الأحزاب ستكون الضربة القاضية للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته .

وقصة خيانة بني قريظة للنبي صلى الله عليه وسلم تبدأ بعد أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وادع وعاهده كعب بن أسد القُرظي على قومه وعاقده على ذلك ، وفي وقت كان الأحزاب فيه يحاصرون المسلمين في غزوة الخندق .
 حيث خرج عدوا الله حُيَيُّ بن أخطب النضري حتى أتى كعب بن أسد القُرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم.
فلما سمع كعب بحُيَيِّ بن أخطب بمحاصرة الأحزاب للمدينة أغلق دونه باب حصنه ، فاستأذن على كعب بن أسد القُرظي فأبى أن يفتح له ، فناداه حيي : ويحك يا كعب! افتح لي قال: ويحك يا حيي. إنك امرؤ مشؤوم ، وإني قد عاهدت محمداً فلستُ بناقضٍ ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاءً وصدقاً.قال: ويحك! افتح لي أكلمك. قال : ما أنا بفاعل.
قال : والله! إن أغلقت الحصن دوني إلا على جشيشتك [طعام من البحر يطحن غليظاً] أن آكل منها معك ! فحفظ الرجل ففتح له ، فقال ويحك يا كعب ! جئتك بعزّ الدهر وببحر طام ، جئتك بقريش.. وبغطفان.. قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبارحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه .
فقال له كعب: جئتني والله بذل الدهر، وبجهام قد هراقَ ماءَه ، فهو يرعد ويبرق وليس فيه شيء ، ويحك يا حيي ، فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقاً ووفاء.
فلم يزل حييّ بكعب يفتله في الذروة والفارب حتى سمع له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً، لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم » .

لا شك أن ما قام به كعب بن أسد ليس مجرد نقض للمعاهدة ، إنما هو نقض وغدر ومحاربة في آن واحد؟!
وهل هناك أعظم من ذلك النقض في ذلك الظرف، في ساعة العسرة متعمدين، ومتحالفين مع الأحزاب الذي قدموا المدينة للإجهاز على الإسلام وأهله ، ومعدين أنفسهم لاستباحة المدينة، وقتل رجالها واسترقاق نسائها وبيع ذراريها في الأسواق .
ولكن الله سبحانه وتعالى خيب آمالهم فنصر عبده محمداً صلى الله عليه وسلم وأعز جنده المسلمين وهزم الأحزاب الكافرين. وما إن رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل حتى أتاه جبريل «فقال: أو قد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال نعم ، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم . إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عائد إليهم فمزلزل بهم .
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلّينَّ العصر إلا ببني قريظة... وحاصرهم رسول الله خمساً وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الرسول بأسراهم فكتفوا بالرباط ، وأخرج النساء والذرية من الحصون فكانوا ناحيته وجمعت أمتعتهم وسلاحهم وأموالهم ، وأوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحكم على بني قريظة إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار: قوموا إلى سيدكم أو خيركم.
فحكم سعد قائلاً: «فإني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» .
وهكذا كان جزاء يهود بني قريظة من جنس عملهم، حين عرضوا بخيانتهم العظمى أرواح المسلمين للقتل، ونسائهم وذراريهم للسبي وأموالهم للسلب. وقد جعلت المعاهدة منهم أمة مع المسلمين وما قاموا به يسمى اليوم خيانة عظيمة تعاقب عليه معظم القوانين الوضعية بالإعدام. ولذلك كان عقابهم عقاباً عادلاً وكان جزاؤهم جزاء وفاقا ً.


هـ - خيانة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر :

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأديب يهود خيبر لما كان منهم من تحريض للقبائل المشركة في غزوة الأحزاب على حرب المسلمين، ولما كانوا يبيتونه من عداء وغدر للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقد حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في حصونهم تلك (بضعة عشرة ليلة) حتى عرضوا الصلح عليه فقبله بشرط أن يخرجوا من خيبر بأنفسهم ونسائهم وذراريهم، دون الأموال والسلاح.
ولما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجليهم عن (خيبر) سألوه أن يعاملهم في الأموال على النصف, وقالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله على ذلك بشرط أن يخرجوا منها متى شاء المسلمون، وذلك لما يعرفه من طبع اليهود، من عدم الوفاء بعهودهم وانتهازهم أية فرصة تسنح للغدر والخيانة .
ومع هذا كله لم يتوقف اليهود عن الخيانة فقدموا للرسول صلى الله عليه وسلم شاة مسمومةَ فقد ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري: لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اجمعوا إليّ من كان ها هنا من يهود).
فجمعوا، فقال: (إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه). فقالوا: نعم، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (من أبوكم). قالوا: فلان، فقال: (كذبتم، بل أبوكم فلان). قالوا صدقت، قال: (فهل أنتم صادقين عن شيء إن سألت عنه).
فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم: (من أهل النار؟). قالوا: نكون فيها يسيراً ثم تخلفونا فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اخسؤوا فيها، والله لا نخلفنكم فيها أبداً). ثم قال: (هل جعلتم في هذه الشاة سُماً). قالوا: نعم، قال: (ما حملكم على ذلك). قالوا: أردنا إذا كنت كاذباً نستريح. وإن كنت نبياً لن يضرك» رواه البخاري.

وهكذا كان مسلك اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان تعاملهم مع المعاهدة التي انضموا إليها طواعية ، وهكذا هو سلوكهم وممارستهم في كل زمان ومكان ، فعندما يظنون أنفسهم في أمان يسبون ويتطاولون ، وعندما تواتيهم الفرصة يقتلون ويفجرون ، فإذا ضاق الخناق حول رقابهم يتباكون ويتذللون ، فهم يتلوّنون لكل حالة بالشكل الذي يظنونه نافعاً لهم ، أما العهود والمواثيق والقيم الخلقية، والمعاني الإنسانية فلا حساب لها في ميزانهم.


رابعا : اليهود يخترقون العالم الإسلامي ويفتتونه ، والحكام يهرولون نحو التطبيع الكامل معهم :


خيانة اليهود للعهدود والمواثبق طبيعة وعادة متأصلة فيهم وهي ديدنهم في كل زمان ومكان ، بل هم أساس كل فساد في كل زمان ومكان ، وأينما وجد الفساد فهو شاهد على حضورهم .

ورغم احتال اليهود للاراضي المقدسة وتدنيسها منذ منتصف القرآن الماضي ، واخترقهم العالم الإسلامي ، وسعيهم لتفتيته ،  إلا ان حكام العرب والمسلمين تخاذلوا   عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية ، وسارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .


أ - اليهود هم أساس كل فساد في كل زمان ومكان :


قال الكتاب عبد العزيز كامل فى كتابه القيم ( قبل أن يهدم الأقصى ) أن اليهود هم المصدر الأصلي لفساد العالم وخرابه !!!
فقال : وهذا الفساد والإفساد قد ترك بصماته السوداء على صفحات التاريخ توقيعا عن اليهود ، وشاهدا على حضورهم في كل مجال يمكن الإفساد فيه.

فاليهودي «أبو عفك » واليهودي «كعب بن الأشراف» واليهودي «ابن أبى الحقيق» كانوا من أوائل من ألبوا الأحقاد ، وقلبوا الأمور في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة ، فجمعوا بين اليهود من بني قريظة وغيرهم، وبين قريش من مكة ، وبين القبائل الأخرى في الجزيرة على محاربة المسلمين .

واليهودي «عبد الله بن سبأ» هو الذي أثار العوام، وجمع الشراذم وأطلق الشائعات في فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وما تلا ذلك من النكبات.

واليهودي «مدحت باشا» كان وراء إثارة النعرات القومية، واستخدام المخططات الماسونية في دولة الخلافة العثمانية ، مما أدى في النهاية إلي سقوط تلك الخلافة على يد اليهودى الأصل «مصطفى كمال أتاتورك.

واليهودي «كارل ساركس» هو الذي كان وراء الموجة الإلحادية، التي أصبحت فيما بعد قوة ودولة، بل معسكرا دوليا، بنى نفسه على أنقاض بلاد المسلمين وشعوبهم.

واليهودي «فرويد» كان وراء النزعة الحيوانية التي أصبحت فيما بعد منهجا تتلوث به العقول الناشئة، فيما يصنف تعسفا على أنه علم وتقدم.

واليهودي «جان بول سارتر» كان وراء نزعة أدب الانحلال في علاقات الأفراد والجماعات.

واليهودي «جولد تسيهر» كان وراء حركة الاستشراق إلتي استشرى فسادها وعم ظلمها وإظلامها.
واليهودي «صمويل زويمر» هو الذي خطط لحركات التبشير، أو بالأحرى : التكفير في بلاد المسلمين. لا لمجرد إدخال المسلمين في النصرانية، بل لإخراجهم من الإسلام.

واليهودي «ثيودر هرتزل» هو الذي وضع البذرة الأولى في محنة العصر المسماة بأزمة الشرق الأوسط، عندما خطط ورسم معالم «الدولة اليهودية» في كتابه المسمى بهذا الاسم، تلك الدولة التي ولدت بعد مماته سفاحا، فكانت بؤرة للإفساد في الأرض.

وأخيرًا فإذا أردنا أن نصدق أن اليهود قد تخلصوا من صفة الغدر والخيانة ، أو صفة الفساد والإلحاد، فإنه ينبغي علينا التصديق أن بإمكان الجمل أن يلج في رسم الخياط!! وكلاهما مستحيل، وليس إليه سبيل!!


ب - إستراتيجية الكيان الصهيوني لاختراق العالم العربي والإسلامي :

منذ منتصف القرن التاسع عشر، والغرب يسعى في تنفيذه مخططاته لتقسيم العالم العربي والإسلامي ، وكان أساس استراتيجيه غرس الكيان الصهيوني في المنطقة لتحقيق هذا الهدف، بحيث يسهل عليهم اختراقها وتنفيذ مخططاتهم الخبيثة بقصد استنزاف ثرواتها والقضاء على مقدراتها، والاطمئنان لعدم نهوضها مرة أخرى ، وتتمثل تلك الاستراتيجية في عدة أمور، أهمها:

1 -  تعميق مشاعر الكراهية بين طوائف العالم العربي والإسلامي :

ولقد استغل الغرب الكيان الصهيوني وجود عشرات الطوائف في العالم العربي والإسلامي من مسيحيين وبهائيين إسماعيليين ونقشبنديين ودروز وعلويين وشيعة وزيديين، وحوثيين كفيلة بإشعال فتيل الثورات والاضطرابات في أي وقت ، وثمة كراهية شديدة بين تلك الجماعات الدينية والاثنية بالمنطقة تجاه بعضها البعض، ولذلك يعمل الغرب بدعم من الكيان الصهيوني على إعادة تقسيم الشرق الأوسط، انطلاقًا من تركيبته السكانية غير المتجانسة القائمة على الأديان والمذاهب والقوميات والأقليات.

2 -  تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي :

العرب يشكلون 88 % من سكان العالم العربي ، أما الأقليات الأخرى فتتوزع على الأكراد والبربر والزنوج والتركمان، وهناك أقليات دينية مسيحية ويهودية ، والغرب الكيان الصهيوني يسعى كل منهما مجتمعين على تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها وحضّ هذه الأقليات على التمرد والانفصال ، حتى لا يقوم أي مشروع وحدوي ،.

3 -  إتباع سياسة شد الأطراف ثم بترها :

وهذه السياسة تعني مد جسور العلاقة مع الأقليات الموجودة في العديد من الدول العربية ، وخاصة في دول الخليج العربي، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على الانفصال ، كما سبق وحدث في السودان ، وكما يحدث حاليًا مع الأكراد في العراق وسوريا وتركيا، في محاولة لإنشاء دولة كردية في المنطقة، حتى تبقى الأزمات مشتعلة ، وتبقى للقوى الغربية والكيان الصهيوني الكلمة العليا في كل التطورات التي تشهدها المنطقة.
ففي إطار تلك الإستراتيجية قامت عناصر الموساد بفتح خطوط اتصال مع الأكراد في العراق، والموارنة في لبنان، والجنوبيون في السودان .

4 - التغلغل داخل الدول العربية والإسلامية وإقامة علاقات إستراتيجية :

وذلك بقصد تقديم كافة أنواع الدعم للعناصر والحركات التي تساعد في إثارة القلاقل والاضطرابات الداخلية داخل البلاد ، مثلما حدث مع الحوثيين في اليمن، حيث تم تزويدهم بالسلاح والعتاد العسكري ، حتى يتم تمزيق الدولة اليمنية وتهديد الجنوب السعودي، ومثلما نشاهد اليوم في العراق، حيث تم تمويل وإعداد أحد أخطر الحركات المتطرفة في العالم لتهديد الشمال السعودي، وإبقاء المملكة تحت ضغط شديد من كافة الجبهات، بحيث تظل معتمدة على الغرب في توفير احتياجاته العسكرية، وبذلك يسهل عليهم استنزافه ونهب ثرواته، ليس هذا فحسب، بل وتهديد أمن واستقرار شعوب المنطقة.

5 -  تدريب رجال الأمن في بعض الدول :

وإقامة أنظمة أمنية في بعضها الآخر، بالإضافة إلى إقامة العديد من القواعد العسكرية في دول الخليج العربي، بزعم توفير الحماية لتلك الدول، بينما الواقع أن تلك القواعد تحافظ على مصالح أمريكا والكيان الصهيوني في المنطقة، وتضمن تدفق النفط بأرخص الأسعار، مثلما هو حادث الآن.

6 -  السيطرة على الاقتصاد في الوطن العربي :

وذلك من خلال افتتاح الشركات وبدء أنشطة متعددة - سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- وقد كشف قادة أكراد عن غزو صهيوني لمناطق الشمال، امتد لمناطق أخرى في العراق بشكل مستتر، ورصدت قوى سنية عراقية هذا الوجود الصهيوني في العراق ومنطقة الخليج، وما يشير إلى أن الأصابع الصهيونية تتحرك بهمة ونشاط لتنفيذ الشق الثاني من خطط تفتيت العالم العربي.


ج - مشروع الكيان الصهيوني لتفتيت العالم العربي والإسلامي:


وضع لويس برنارد لويس مشروع هذا العصر لتفتيت العالم العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب ، ولويس هذا هو مستشرق بريطاني الأصل يهودي الديانة صهيوني الانتماء أمريكي الجنسية ، وقد نشر هذا المشروع في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية ، وقد تمَّ تقنينه واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة ، وتفاصيل المشروع الصهيوأمريكي لتفتيت العالم الإسلامي كالآتي :

1 - تقسيم مصر إلى أربع دويلات هي:

دولة النوبة المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية ، الدولة النصرانية وعاصمتها الإسكندرية ، سيناء وشرق الدلتا وتبقى تحت النفوذ اليهودي ، مصر الإسلامية وعاصمتها القاهرة وهي  الجزء المتبقي من مصر.

2 -  تقسيم السودان إلى أربعة دويلات هي :

دويلة النوبة المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان ، دويلة الشمال السوداني الإسلامي ، دويلة الجنوب السوداني المسيحي  ، دارفور.

3 -   دول الشمال الإفريقي :

تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة: دولة البربر تقع على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان ، دويلة البوليساريو ، الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

4 -  شبه الجزيرة العربية والخليج :

إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط هي : دويلة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين ، دويلة نجد السنية ، دويلة الحجاز السنية.

٥ - تقسيم العراق عرقيا ودينيا ومذهبيا إلى ثلاث  دويلات هي :
دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة ، دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد، دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل (كردستان) تقوم على أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية (سابقًا).

٦ - تقسيم سوريا عرقيًّا أو دينيًّا أو مذهبيًّا إلى أربع دويلات هي :

دولة علوية شيعية (على امتداد الشاطئ) ، دولة سنية في منطقة حلب ، دولة سنية حول دمشق ، دولة الدروز في الجولان ولبنان ( الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية).

٧ - تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية هي :

دويلة سنية في الشمال (عاصمتها طرابلس) ، دويلة مارونية شمالاً (عاصمتها جونيه) ، دويلة سهل البقاع العلوية (عاصمتها بعلبك) خاضعة للنفوذ السوري شرق لبنان ،  بيروت الدولية (المدوّلة) ،  كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) ، كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة ، دويلة درزية (في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة) ،  كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي.

٨ - إيران وباكستان وأفغانستان تقسيمها إلى عشرة كيانات عرقية ضعيفة هي : كردستان ، أذربيجان. تركستان ، عربستان ، إيرانستان (ما بقي من إيران بعد التقسيم) ، بوخونستان ، بلونستان ، أفغانستان (ما بقي منها بعد التقسيم) ،  باكستان (ما بقي منها بعد التقسيم). كشمير

ج - الحكام العربي يسيرون باتجاه التطبيع الكامل مع إسرائيل:

في ظل مخططات الصهاينة اليهود لاختراق العالم العربي والإسلامي ، ومشروعاته لتفتيت العالم العربي والإسلامي ، لم يتخاذل الحكام العرب والمسلمين عن الدفاع عن اوطانهم العربية ومقدساتهم الإسلامية فقط ، وإنما سارعوا وتسابقوا نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني .

فعلى قناة الجزيرة وتحت عنوان ( العلاقات العربية الإسرائيلية بين الممانعة والتطبيع  ) قال الدكتور علي عقلة عرسان : أن  العالم العربي يسير باتجاه التطبيع الكامل بدليل أن الرئيس بشار الأسد قالها بوضوح في 5 أغسطس 2013 : نحن نريد ونسعى لعلاقات طبيعية عادية مع إسرائيل .

وجاء في تقرير نشرته صحيفة معاريف في ٢٨/٤/٢٠١٦ ، إن مسئولين إسرائيليين يتجولون في العالم العربي بوتيرة غير مسبوقة ، مشيرة إلى لقاءات سرية بين ثلاثة مسؤولين إسرائيليين وثلاثة مسئولين سعوديين، جرى الكشف عنها في الفترة الأخيرة، وعقدت خلال العامين الماضيين في روما والتشيك والهند.
وفي لقاءٍ خاصا، بين كل من المدير السابق للمخابرات السعودية الأمير تركي الفيصل، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء يعقوب عميدرور ، عقد معهد واشنطن لسياس للأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط ، في 2016 - 05 - 6 ، أكّد تركي الفيصل على أهمية التعاون بين اسرائيل والدول العربية لمواجهة التحدّيات , وقال في هذا الصدد “كما إن التعاون بين الدول العربية وإسرائيل لمواجهة التحديات مهما كان مصدرها سواء كانت إيران أو أي مصدر آخر ستكون مدعمة بصورة أقوى في ظرف يكون فيه سلام بين الدول العربية وإسرائيل، ولا أستطيع أن أرى أي صعوبات بالأخذ بذلك ، وتابع قائلا : أقول دائما للمشاهدين اليهود أنه بالعقول العربية والمال اليهودي يمكننا المضي قدما بصورة جيدة ، وفكروا ما يمكن تحقيقه في المواضيع العلمية والتكنولوجيا والمسائل الإنسانية والعديد من الأمور الأخرى التي بحاجة إلى النظر إليها”.

وعلى صفحة الجزيرة نت الالكترونية جاء أنه ، في ١٧/5/2016 م كان خطاب عبد الفتاح السيسي - زعيم الانقلاب في مصر  في مدينة أسيوط المصرية- دعى بصراحة ووضوح الى التقارب  مع إسرائيل مغيبا لخطاب القضية الفلسطينية وثوابتها التي كانت حاضرة في خطابات كافة الرؤساء المصريين سابقا.
وكان السيسي قد أكد في خطابه على ضمانات لأمن إسرائيل تتطابق مع رؤية إسرائيلية للحل الذي تشترط الحصول على ضمانة الأمن الشامل قبيل الموافقة على مسار تفاوض جدي مع الفلسطينيين .



سادسا : وسائل الأمة للتصدي لخيانة وغدر اليهود :


صحوة الشعوب المسلمة وعودة حكامها الى الحق ليعرفوا حقيقة اليهود وخطورة مخططاتهم ، فضلا عن استعدادهم للدفاع عن اوطانهم واسترداد مقدساتهم المسلوبة ، يحتاج ذلك إلى جهاد أجيال وليس عمل جيل واحد ، فيجب ان تتربى الأطفال على الجهاد في سبيل الله ، وبذل النفس والمال والحياة لأجل الدين والوطن ، وفضح مخططات العدو واعتداءاته على الأوطان ، مع معاداتهم وتحريم مودتهم ، الأمل في نصر الله تعالى .

1 - تربية الأطفال على حب الله وحب رسوله وحب الجهاد :

تغرس كل أسرة مسلمة في قلبها وقلب أبنائها وأن ترضعهم في المهد حب الله وحب رسوله وحب الجهاد في سبيل الله، وأن حب فلسطين والمسجد الأقصى من الإيمان.. وأن تحصنهم بالمصل الواقي ضد دعوى المساواة بين الجهاد والإرهاب، وأن الجهاد تضحية في سبيل رد المغتصب والدفاع عن العرض وطرد المحتل ، ولتكون كلمة الله هي العليا، وأن الإرهاب هو الاحتلال لبلاد الغير، والنهب لخيراته ، وإفزاع أهله الآمنين، وإراقة دماء الأبرياء من أبناء الوطن ونساءه وأطفاله..

2 - بذل النفس والمال والوقت والحياة للحفاظ على الدين والوطن :

إن سبيلنا الوحيد لصد الهجمة الشرسة عن أرضنا، واسترداد عزنا ومجدنا، لا يكون إلا ببذل النفس والمال والوقت والحياة، وكل شيء في سبيل غايتنا النبيلة ألا وهي المحافظة على الدين والوطن، واسترداد المغتصب.. وهي غاية تحفظها كل الأديان السماوية، وترعاها وتقرها كل القوانين والهيئات والمواثيق الدولية.. بما في ذلك هيئات وليعلم المسلمون أن القوة التي يستدعيها الجهاد تنبع من حسن إخلاصهم، وقوة إيمانهم، ومتانة أخلاقهم، وقوة اتحادهم كالبنيان المرصوص: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف: 4) .
وروي عَنْ أَبِي مُوسَى رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. البخاري. وبعد قوة الإيمان والاتحاد إعداد ما نستطيع من قوة، وإن لم تكن كقوتهم: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) (الأنفال:60).

 3 - فضح المشروع الصهيوني وتعريته :

وذلك بفضح اليهود وطبيعتهم ، وهذا واجب علماء الأمة وقادة الرأي فيها، أن يعرِّفوا الشعوب بعدوها مستندين على القرآن الكريم والسنة المطهرة وما فيهما من وصف مفصل لليهود، ثم على كتب التاريخ وكتابات المعاصرين عنهم – المسلمين وغير المسلمين – المكتوبة باللغة العربية أو غيرها من اللغات مثل كتاب أحلام الصهوينية وأضاليلها للمفكر الفرنسي المسلم " رجاء جارودي " ومن الواقع المعاصر، فبين أيدينا تجارب كثيرة في الحرب والسلم ،وسلسلة من الهدنات والاتفاقات كلها تبين أنّ اليهود لا يعرفون غير منطق القوة وأنهم لا إيمان لهم ولا عهد ولا ذمة، وأنّ أبرز صفاتهم هي العنصرية فهم يرون أنفسهم شعب الله المختار، كما أن تطلعاتهم التوسعية لإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات لا تخفى على أحد، بل هم يريدون السيطرة على العالم كله.

4 - فضح الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين :

في جميع المؤسسات الدولية، والعمل على المحافظة على الآثار العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، حيث تسببت إجراءات الاحتلال في تدمير كل شيء من تيتيم للأطفال، وتَرَمُّلٍ للنساء، وتدمير للمصانع والمؤسسات، وتجريف للمزروعات، وكذلك ما تتعرض له الأراضي الفلسطينية عامة والمقدسات بصفة خاصة من محاولات لهدمها، وتدنيسها، وتقسيمها، وإقامة الجدار العازل، ومصادرة الأراضي، وطرد أهلها، لذلك يجب التصدي لهذه الاعتداءات بالعمل على إعادة المؤسسات التي هُجِّرت قسراً من القدس إلى مكانها السابق حفاظاً على الهوية العربية الإسلامية للمدينة المقدسة.

5 - وجوب بغض اليهود ومعاداتهم وتحريم مودتهم وموالاتهم :

قرر القرآن الكريم في آيات صريحة وجوب بغض اليهود وجوب معاداتهم حتى يؤمنوا بالله وحده ، قال تعالى :  ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) سورة المائدة الآية 51.
وقال عز وجل في شأن اليهود : ( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا  ) سورة المائدة الآية 80-82.

كما حرم الله  مودة اليهود وموالاتهم وذلك يعني بغضهم والحذر من مكائدهم وما ذاك إلا لكفرهم بالله وعدائهم لدينه ومعاداتهم لأوليائه وكيدهم للإسلام وأهله ، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بما يعملون محيط ) سورة آل عمران الآيتان 118-120.

ومواقف اليهود من الإسلام ورسول الإسلام وأهل الإسلام كلها تشهد لما دلت عليه الآيات الكريمات من شدة عداوتهم للمسلمين، والواقع من اليهود في عصرنا هذا وفي عصر النبوة وفيما بينهما من أكبر الشواهد على ذلك، وهكذا ما وقع من النصارى وغيرهم من سائر الكفرة من الكيد للإسلام ومحاربة أهله، وبذل الجهود المتواصلة في التشكيك فيه والتنفير منه والتلبيس على متبعيه وإنفاق الأموال الضخمة على المبشرين بالنصرانية والدعاة إليها، كل ذلك يدل على ما دلت عليه الآيات الكريمات من وجوب بغض الكفار جميعا والحذر منهم ومن مكائدهم ومن اتخاذهم بطانة.

6 - الأمل في نصر الله وعدم اليأس :

وعلينا أن نوقن أن النصر من عند الله، وأنه كائن لا محالة، والشاك في ذلك عليه أن يصحح إيمانه لقوله تعالى (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ( يوسف: ٨٧ ) )قَالَ تعالى ( وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) ( (الحجر: ٥٦)وقوله تعالى (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة: ٢١( وعلى المسلمين أن يتدارسوا المبشرات ليواجهوا المثبطين ، وعلينا أن نذكر الناس بأن الخلافة الإسلامية ستقوم، وسيجلى اليهود عن ديار المسلمين، ولا ينجيهم حجر ولا شجر.. وأحاديث ملاحم آخر الزمان محفوظة ومعلومة، وما علينا إلا الإيمان بها والسعي لأن نكون من جنود الحق في وقتها.

الخميس، 19 مايو 2016

الحق في الحياة : تقريره وضماناته وانتهاكاته في المواثيق الدولية والشريعة الإسلامية . إعداد : محمد أبوغدير المحامي

الحق في الحياة : تقريره وضماناته وانتهاكاته
في المواثيق الدولية والشريعة الإسلامية   .

إعداد : محمد أبوغدير المحامي

الحق في الحياة من أجل حقوق الإنسان الأساسية ، بل هو الحق الأكثر أهمية على الإطلاق ، لأنه رأس المال الحقيقي للإنسان ، والهبة العظيمة التي منحها الله له تكريما وتفضيلا له على كثير من مخلوقاته ، نجد أن الشريعة الإسلامية أقرت الحق في الحياة على رأس كافة حقوق الإنسان وقاوله تعالى : { ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب “ . وهو حق طبيعي لجميع الناس بحكم أدميتهم لا تمنحه دولة أو مجتمع وإنما تقتصر مهمتها على الاعتراف به، إذ لا يمكن إلغاؤه أو التنازل عنه تحت أي ظرف أو ضرورة  .
وفي هذه السطور سنبين تقرير هذا الحق ، تقريره وضماناته وانتهاكاته وذلك من خلال المواثيق الدولية والشريعة الإسلامية   .

أولا : تقرير الحق في الحياة في المواثيق الدولية  الشريعة الإسلامية :

أ - تقرير حق الحياة في المواثيق الدولية  :

ولقد كرسـت الشرعة الدولية الحق في الحياة في وثائق أممية عديدة هي : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية و البرتوكول الاختياري الثاني الملحق به ، وبيان ذلك في الآتي :
1. في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948: بعد أن نصت المادة الأولى من هذا الإعلان على أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق قررت المادة الثالثة منه الحق في الحياة فنصت على أنه : ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية         البدنية ) .
2. كما يحمي القانون الإنساني الدولي حق الفرد في عدم حرمانه من الحياة تعسفا.  وتحظر المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع "في جميع الأوقات والأماكن...الاعتداء علي الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" ضد الأشخاص الذين لا يشتركون اشتراكا فعليا في نزاع مسلح لا يتسم بطابع دولي.
3. وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  الصادر في عام  1966 وفي المادة السادسة منه قررت الحق في الحياة ، بأن نصت في الفقرة الأولى على أن : ( الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ،  وأنه على القانون الوطني  أن يحمى هذا الحق ، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا ) .
4. وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  الصادر في عام  1966 وفي المادة السادسة منه قررت الحق في الحياة ، بأن نصت في الفقرة الأولى على أن : ( الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ،  وأنه على القانون الوطني  أن يحمى هذا الحق ، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا ) .

ب - تقرير حق الحياة في الشريعة الإسلامية :

إن الحياة في الإسلام  مصونة والنفس البشرية من الكليات الخمس التي هي أسمى ما يجب الحفاظ عليه في الشريعة الإسلامية ، وجاءت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تقرر هذا الحق وتحميه :

من القرآن الكريم :
1. قال تعالى : {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32
2. و حرم الإسلام الوأد، الذي كان معروفا عند بعض قبائل العرب بالنسبة للبنات {وَإِذَا الموءودة سُئِلَتْ  بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }التكوير9 .
3. وبلغ من عناية الإسلام بهذا الحق أن توعد منتهكه بالخلود في نار جهنم ، فقال الله تعالى { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } النساء93

ومن السنة النبوية :
1. ما ورد في حجة الوداع ، تلك الخطبة الجامعة التي أعلن فيها الرسول الكريم حرمة الدماء والأموال والأعراض تحريم إلهي قاطع، حيث قال : " فإن الله تبارك وتعالى قد حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت" ثلاثاً " صحيح البخاري ، باب ظهر المؤمن حمى إلا حد و حق .
2. وفي تأكيد أن حرمة حق الحياة من حرمة الدين  ، روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً )   .

ثانيا : ضمانات وكفالة الحق في الحياة في المواثيق الدولية  الشريعة الإسلامية :

أ - ضمانات وكفالة حق الحياة المواثيق الدولية  :

في مجال ضمانات وكفالة حق الحياة في المواثيق الدولية ، نصت المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الفقرات من الثانية حتى السادسة الإجراءات الآتية :
1. حظرت على البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام ، أن تحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة .
2. أنه في حالة كون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الإبادة الجماعية ، فإنه يحظر على أي دولة طرفا في هذا العهد أن تعفى نفسها على أية صورة من أي التزام يكون مترتبا عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
3. أن لكل من حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.
4. عدم جواز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفيذ هذه العقوبة بالحوامل.
5. حظرت على أية دولة طرف في هذا العهد التذرع بهذه المادة الامتناع عن إلغاء عقوبة الإعدام أو التأخير في تنفيذه ذلك .
6. ومن ضمانات حق الحياة وكفالته أيضا ما نص القانون الأساسي لمنظمة العفو الدولية ، في المادة الأولى منه أن من ضمن أهدافها معارضة إعدام الأشخاص خارج نطاق القضاء , سواء أكانوا من السجناء أو المعتقلين ، أو ممن فرضت القيود على حريتهم أم لا  .

ب - ضمانات وكفالة حق الحياة في الشريعة الإسلامية:

1- تحريم قتل الإنسان : قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} [الأنعام:151] .
2- سد الذرائع المؤدية للقتل : ومن صورها :
• تحريم حمل السلاح على المسلمين : روى مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وســلم : ( من حمل علينا السلاح فليس منا ) ، وقال ابن دقيق العيد: " فيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه " .
• تحريم مقاتلة المسلمين : روى مسام عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) .
3- القصاص في القتل : قال تعالى: { أَيُّهَا الذِينَ امنوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } البقرة:178 .
وقال عز وجل: {وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاٰةٌ يا أُولِي ٱلألْبَاٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }  البقرة:179.
4- تحريم الانتحار : روى البخاري ومســـلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وســـلم قال : ( من تردى من جبل فَقَتَلَ نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سُماً فقتل نفسه، فسُمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يَجَأُ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) .  .
5- تحريم قتل الجنين : قال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا }  الإسراء:31 .
6- إيجاب الضمان في قتل الجنين : روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بغرة عبد أو أمة )

ثالثا : القصاص وعقوبة الإعدام ضمان للحق في الحياة :

القصاص في الشريعة الإسلامية هو اقوي ضمان لحق الحياة ، ولا ينال منها بتاتا، ذلك أن القصاص حد القتل ، وما شرعت الحدود في الإسلام إلا لحماية حقوق الإنسان وحرياته ، فهي العقوبات المحددة المنصوص عليها من الله - سبحانه وتعالى - والتي يعتبر تنفيذها عبادة ، إذا تأملنا فيها - إلا لحماية هذه الحقوق ،  فحد القصاص شرع لحماية حق الحياة ، حد الحرابة لحماية حق الأمن الاجتماعي ، وحد السرقة لحماية حق التملك ، وحد الزنا لحماية حق النسل وبناء الحياة الاجتماعية  ، وحد القذف لحماية حق الفكر والإرادة   وحماية العقل مما يغتاله من الخمر والمخدرات .

فالحقوق دين ، والاعتداء عليها جريمة ، وعقوبة المعتدي حدية لا مجال فيها للاجتهاد ، لذلك لا يصح القول أن القصاص بقتل الجاني تعدي على حق الحياة لأن المشرع للحد هو الله الذي خلق الإنسان هو أعلم بالحقوق والتشريعات التي تحقق له الســعادة والمصلحة ، قال - تعالى - : ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك :14 وصدق الله القائل : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ) [البقــرة:179]
وإذا كان القصاص يعني إعدام الجاني فإن عقوبة الإعدام لها المعنى قد نصت الشرائع السماوية عليها كوسيلة لمنع الجرائم و الحفاظ على حياة الناس و أموالهم و أعراضهم ، ففي الشريعة الموسوية ورد في الفصل الحادي والعشرين من سفر الخروج ما نصه : أن من ضرب إنسانا فمات فليقتل قتلا ، وإذا بغى رجل على آخر فقتله اغتيالا فمن قدام مذبحي تأخذه ليقتل ، ومن ضرب أباه و أمه يقتل قتلا ، وإن حصلت أذية فأعط نفسا بنفس وعينا بعين و سنا بسن .

رابعا : انتهاكات الحق في الحياة في المواثيق الدولية:

ويشكل انتهاكات الحق في الحياة الجرائم الآتية :  الإعدام التعسفي  ، الإبادة الجماعية ، محاولة القيام بإعدام تعسفي ، التهديد بالموت .

1. الإعدام التعسفي :

تعريف الإعدام التعسفي :
هو قتل شخص على يد وكيل للدولة أو أي شخص آخر يعمل تحت سلطة الحكومة أو بتواطئها معهم  أو تغاضيها عن أفعالهم أو قبولها ولكن بدون أي عملية قضائية أو بدون عملية قضائية مناسبة.
وحالات الإعدام  المنبثقة عن حكم بالإعدام صادر عن محكمة هي أيضا حالات إعدام تعسفي إذا لم تُحترم ضمانات المحاكمة المنصفة المنصوص عليها في المادتين 14 و15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
حالات الإعدام التعسفي :
وهي التي تختلف عن حالات الإعدام بعد محاكمة منصفة) هي في كثير من الأحيان أعمال قتل ترتكب في ظروف مشبوهة وتتسم بما يلي:
• الوفاة التي تقع في حال وجود الشخص في قبضة الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (كأن يكون مثلا محتجزا من قبل الشرطة) أو  الموظفين العموميين أو الأشخاص الآخرين  العاملين بصفة رسمية.
• الوفاة التي تقع في ظروف لم يجر فيها تحقيق رسمي.  ولم  تُجر السلطات تشريحا لجثة الضحية أو لم تتخذ الخطوات اللازمة للحصول على أدلة ذات صلة (تقريرا طبيا أو علامات على وقوع تعذيب سابق، الخ).
• أعمال القتل التي تُقترف لأسباب سياسية وحالات الوفاة   الناجمة عن التعذيب أو غير ذلك من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية  أو المهينة وأعمال القتل في أعقاب الاختطاف أو الاختفاء القسري في حالة توفر الشروط المذكورة.

2 . الإبادة الجماعية :

تعريف جريمة الإبادة الجماعية
تحدد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 من الدول أن "تعاقب على الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أو أثناء الحرب"  (المادة1).
وتحدد الاتفاقية الإبادة الجماعية على أنها ارتكاب أحد الأفعال التالية، علي قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية:
• قتل أعضاء من الجماعة،
• إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة،
• إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا .
• فرض تدابير تستهدف الحرمان من إنجاب الأطفال داخل الجماعة،
• نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلي جماعة أخري.
وينبغي ملاحظة أن الإبادة الجماعية لا تتطلب القتل، ولكنها قد تشمل الإجراءات الأخرى المحددة في الاتفاقية إذا ارتكبت بقصد الإبادة الجماعية، وبخاصة إذا انطوت على إبادة أعداد كبيرة من الأشخاص.

3 . محاولة الإعدام التعسفي :

تشكل محاولة القيام بإعدام تعسفي، والتي تفشل لأسباب  تتجاوز النية الأولية لواحد أو أكثر من وكلاء الحكومة، محاولة للإعدام التعسفي.
وينبغي أن  تكون جميع هذه المحاولات موضع تحقيق مع أخذ  العناصر التالية في الاعتبار :
• النشاط السياسي أو النقابي أو الديني أو الاجتماعي الذي يمارسه الشخص الضحية.
•  وظيفة أو نطاق نشاط الشخص المفترض قيامه بمحاولة الإعدام التعسفي.
• أي تحريض أو تحرش أو تهديد أو مطاردة يكون قد تعرض لها الضحية أو أقاربه قبل محاولة الإعدام.
• استعمال، عند الشروع في القتل، وسيلة من شأنها تحقيق النتيجة المطلوبة.
• شكل ووسيلة محاولة الإعدام.

4 .  التهديدات بالموت :

تعريف التهديد بالموت :
هو أي عمل أو قول صريح أو ضمني قد يبث في نفس شخص خوفا  له ما يبرره بالوقوع ضحية لإعدام تعسفي.
وينبغي للناشط الحقوقي تكريس انتباههم إلى التهديدات بالقتل:
• الصادرة عن أفراد القوات المسلحة أو أي مؤسسات عامة أخرى؛
• الصادرة عن أفراد أو جماعات شبه عسكرية متصلة بالسلطات أو تعمل بالتواطؤ معها أو بموافقتها الضمنية؛
• حيثما كان هناك سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن هذه التهديدات تشكل جزءا من ممارسة للإعدام التعسفي؛ وعندما يكون التهديد دقيقا وإذا كان هناك سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن التهديد سيعقبه إجراء.
وينبغي للناشط الحقوقي أن يولي أولوية لأجراء تحقيقات في الحالات التي يوجد فيها ما يعرض الحياة للخطر.  وينبغي أن تسعى التحقيقات إلى تقرير وجود إعدام تعسفي أو محاولة إعدام تعسفي أو تهديد بالموت عن طريق تحديد عناصر الانتهاكات .